من الظلام إلى النور: رحلة مصر في مكافحة العمى منذ عام 2014 حتى اليوم
كتبت - حوراء صالح

منذ عام 2014، بدأت مصر – في تقديري الشخصي – رحلة جادة ومتصلة لمكافحة مرض العمى والوقاية منه. تلك الرحلة لم تكن مجرد مبادرات صحية، بل أراها انعكاسًا لوعي متزايد بقيمة الإنسان وحقه في الإبصار. بين الحملات التوعوية والمبادرات الرئاسية، وبين الدعم الطبي الذي طال مختلف المحافظات، ظهرت ملامح مشروع صحي وطني يستحق أن نتوقف أمامه طويلًا.
أعتقد أن البداية الفعلية تمثلت في حملات التوعية والكشف المبكر، خاصة في القرى والمناطق المحرومة. تلك المرحلة، التي قد تبدو بسيطة ظاهريًا، كانت – من وجهة نظري – خطوة حاسمة، حيث حملت رسالة واضحة: أن الوقاية ممكنة، وأن الوقت عنصر حاسم في مواجهة هذا المرض. وقد لعبت القوافل الطبية دورًا مهمًا في توصيل هذه الرسالة، والوصول إلى شرائح لم تكن تحظى بالخدمات الصحية الكافية.
وفي عام 2018، انطلقت مبادرة “نور حياة” تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي كانت – في تقديري الشخصي – نقطة تحول محورية في هذا الملف. المبادرة لم تكن فقط لعلاج مسببات العمى، بل كانت مشروعًا متكاملًا استهدف كبار السن وطلاب المدارس، وسعى لتقليص العوامل المسببة للعمى مثل المياه البيضاء ومضاعفات مرض السكري. اللافت للنظر هو أن هذه المبادرة لم تتوقف عند حدود التشخيص والعلاج، بل مدت يدها لكل محتاج، دون تمييز.
ما بين عامي 2020 و2022، شهدنا تطورًا ملحوظًا في وحدات الرمد داخل المستشفيات العامة والخاصة. وهنا لا يمكن إنكار أن توفير الأجهزة الحديثة وتدريب الأطباء أحدث فرقًا حقيقيًا. لذا أرى أن هذا الاستثمار في البنية التحتية والخبرات كان من العوامل الأساسية في تحسين فرص العلاج المجاني، خصوصًا للفئات غير القادرة، وهو ما يمثل أحد أوجه العدالة الصحية التي نسعى لتحقيقها.
كما لفت انتباهي حجم النشاط الميداني الذي قامت به القوافل الطبية، والتي قدمت خدمات فحص شامل، ونظارات طبية، وآلاف العمليات المجانية لإزالة المياه البيضاء وزرع العدسات. ومن وجهة نظري، فإن هذه الجهود نجحت ليس فقط في علاج المرضى، ولكن أيضًا في استعادة الأمل لدى كثيرين ممن فقدوا الأمل في العودة إلى النور.
أما المستقبل، فهناك مؤشرات قوية تدعوني للتفاؤل. الدولة بدأت بالفعل في إدخال أجهزة تشخيص حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مع التوسع في برامج الفحص داخل المدارس. في تقديري الشخصي، هذا التوجه يمثل نقلة نوعية في طريقة إدارة الملف الصحي، ويدل على رغبة حقيقية في الوصول إلى مرحلة القضاء شبه الكامل على العمى، خاصة إذا استمرت هذه الاستراتيجية بنفس القوة والالتزام.
ــــــــــ
هذا المحتوي تم باستخدام أدوات الذكاء الإصطناعي