أخبار المحروسة

“الشخصية المصرية في العصر الإسلامي” بالأعلى للثقافة

كتبت : انس الوجود رضوان

عقدت لجنة التاريخ والآثار، ومقررها الدكتور محمد عبد الغني؛ ندوة بعنوان “الشخصية المصرية في العصر الإسلامي”، أدار الندوة الدكتور جمال عبدالرحيم أستاذ الآثار والفنون الإسلامية جامعة القاهـرة وعضو اللجنة.
وشارك بها: الدكتور أيمن فؤاد سيد أستاذ التاريخ الإسلامى وخبير المخطوطات وعضو اللجنة. والدكتور محمد الكحلاوي أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة وعضو اللجنة.

بدأ الدكتور أيمن فؤاد سيد حديثه بالإشارة إلى الشخصية المصرية باختلاف عناصرها، مستشهداً بالخطط المقريزية، وكيف قسم المقريزي كتاب الخطط إلى ثمانية أقسام، موضحاً أن الشخصية المصرية قد اتخذت أنماطاً متنوعة، مشيراً إلى أن الفاطميين حين فتحوا مصر على يد جوهر القائد، كانت القاهرة، منذ نشأتها، مدينة خاصة يسكنها الخليفة وجنده وخاصته، ولا يسمح بدخولها للمواطنين إلا بإذن خاص، وبغرض خدمة الحصن الفاطمي، أما المصريون؛ أهل البلد الأصليون فكانوا يسكنون الفسطاط.
وقد أوضح أن هناك عنصراً جديداً دخل في تركيبة السكان، في بداية العصر الفاطمي، وهو العنصر السوداني؛ ذلك العنصر الذي تآمر أفراده على صلاح الدين الأيوبي، ولكن صلاح الدين قد قضى عليهم حين اكتشف المؤامرة التي أعدوها له.
وأكد أن الفسطاط والإسكندرية كانا أهم مراكز الحماية لمصر، ملمحاً إلى دعاة الإسماعيلية؛ الذين أنشأوا الجامع الأزهر، والذي استقر فيه العلماء والدعاة، أما المعلومات عن الفلاحين في تلك الفترة فمحدودة للغاية.
وإلى جانب وجود بعض السنة والإمامية والإسماعيلية فهناك بعض القبط، الذين كان لهم دور في عدد من المناصب المهمة، وكذلك اليهود.
موضحاً أن عملية الأسلمة قد تمت على مدى طويل عبر القرن الرابع عشر الميلادي؛ الثامن الهجري، كما نجد أن هناك عائلات كثيرة من الذين ألفوا حول الخراج والجباية، وغيرهما كانوا من النصارى.
ملمحاً إلى أن مصر لم تعرف الضيق الديني، وإنما كان اليهود والنصارى يحيون جنباً إلى جنب المسلمين.
في العصر المملوكي كان هناك عدد كبير من الجنسيات غير المصرية، من الجراكسة والجورجيين (الكورجيين) وغيرهما، وكان يتم تعليمهم تعليماً إسلاميّاً وتعلموا اللغة العربية، وكان المماليك من الرقيق الأبيض، وتنتمي أصولهم غالباً إلى الجنس التركي والشركسي، وأما العصر الأيوبي فكان أهم عناصر لبنية الجيش العنصر الكردي والعنصر التركماني.
وأشار الدكتور أيمن فؤاد حول الأحياء التي اختارها النصارى للمكوث بها، كحي الموسكي والسيدة زينب والفسطاط، وأما اليهود فلهم بعض المناطق، أشهرها إلى وقتنا هذا حارة اليهود.
تحدث الدكتور محمد الكحلاوي حول مصر في الحضارة الإسلامية، موضحاً أن هناك فارقاً بين قراءة التاريخ وبين استقراء التاريخ، طارحاً السؤال: ماذا أضاف الإسلام إلى مصر؟ مؤكداً أن مصر حاضرة الأديان الوضعية والسماوية؛ فمصر ملتقى الأديان، مشيداً بذلك الالتقاء والتكامل بين جميع الديانات والطوائف على أرض مصر، معتبراً أن رد الاعتبار للشخصية المصرية قد جاء مع الإسلام، بعد ذلك الاضطهاد الذي تعرضت له مصر والشخصية المصرية تحت وطأة الرومان، فمصر قبل الإسلام كانت تعيش حالة بائسة يائسة.
مؤكداً أن مصر هبة الله، وليست هبة النيل، فمكانة مصر كان لها مكانة دينية وقومية في كل الأديان، وليس الإسلام فقط، فلم توصف بلد بكل نواحيها كمصر، مشيراً إلى التعبير القرآني في سورة يوسف “وجاء بكم من البدو” فأعد كل ما عدا مصر بدواً، ومصر هي الحاضرة.
وكذلك عن عمران مصر وحضارتها قال تعالى: “أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي”؟
وأما عن الأمن والأمان فقد قال القرآن عن مصر “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”، وأما عن الأنبياء فإن مصر أنعم الله عليها بوجود عدد كبير من الأنبياء، وعلى أرضها كلم الله موسى، وفيها الشجرة المباركة.
وعن قدسية مصر فقد أقسم الله بجبل الطور “وطور سينين”.
كانت مصر للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بشرى ووصية ونسباً، فقد بشّر الرسول بفتحها قبل أن تفتح، كما أوصى الرسول (صلى الله عليه وسلم): “استوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة وصهرا”، وكذلك فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) تزوج مصرية وأنجب منها ولداً، مثلما حدث مع سيدنا إبراهيم الذي تزوج السيدة هاجر المصرية وأنجب منها ولده إسماعيل.
فالحضارة الإسلامية هي نتاج تفاعل ثقافات الشعوب، فهي ليست حضارة جنس معين، وإنما حضارة جامعة شاملة لأجناس وقوميات وعقائد وملل.
وأكد الكحلاوي أن العرب استوطنوا مصر قبل حتى الفتح الإسلامي لمصر، وهؤلاء كان لهم دور في تيسير الفتح الإسلامي لمصر.
موثّقاً أن مصر فتحت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب؛ صلحاً لا حرباً مع أهلها من الأقباط، وتحريراً لأرضها من الاحتلال البيزنطي وصلحاً مع أهلها من الأقباط، فمصر أول حاضرة إسلامية في إفريقيا ومركز الفتوحات الإسلامية.

زر الذهاب إلى الأعلى