مختار محمود يكتب: كتابٌ هزَّ قلوب وعقول الملاحدة 1-2

“الآن..أعتقد أنَّ هناك إلهًا”.. هكذا نطق وكتب وأوصى وسجَّل أشهر ملاحدة العالم “أنتوني فلو”، الذي قضى جُلَّ عُمره في إنكار وجود الإله والترويج للإلحاد من خلال باقة من الكتب التي كان يحتجُّ بها ملاحدة العرب والمسلمين، ويعتبرونها دستورًا وقانونًا ونبراسًا ودليلاً على رفض الإله والأديان والكتب المُقدسة.
الفيلسوف البريطاني ” أنتوني جيرارد نيوتن فلو”، المعروف اختصارًا بـ “أنتوني فلو”، الذي عاش بين عامي 1923 -2010، حرص على تسجيل شهادته الأخيرة بخروجه من الإلحاد إلى الإيمان، قبل 6 سنوات من رحيله، عبر كتاب مهم يحمل عنوان: “هناك إله”، رصد فيه حيثيات تحوله من إنكار وجود الإله إلى الإيمان بأنه يستحيل ألا يكون لهذا الكون ربٌ حكيمٌ قديرٌ يدبر أمره.
الطريف أن أولئك الذين كانوا يحتذون بإلحاد “أنتوني فلو”، ويؤمنون بكل كتاباته اتهموه يوم صدور كتاب “هناك إله”، وانقلابه على إلحاده، بالتخريف والتجديف وزعموا إصابته بـ”ألزهايمر”، بعدما ظلوا مؤمنين بكتبه الثلاثين التي تنكر جميعها الألوهية، غير أن العاقبة تبقى دائمًا وأبدًا بالخواتيم!
لا شكَّ أنَّ تجربة “أنتونى فلو”، التى دامت أكثر من نصف قرن فى الإلحاد، وتأليفه عديد الكتب التى تؤيد الفكر الإلحادى، وخوضه العديد من المناظرات التى تدافع عن الإلحاد، ثم تحوله بعد كل ھذه السنین إلى الإيمان بوجود الإله، لابد أن تُضفي مصداقیة كبیرة على ما سیقوله فى كتابه الأخير والأهم، وتكمن أهميته في هدم كل ما أورده في كتبه السابقة من براهين فاسدة وأدلة متهافتة، أغوت صغار العقول وضعاف النفوس الذين لم يملكوا جرأة مواجعة موقفهم كما فعل كبيرهم الذي علمهم الإلحاد!
يقول “أنتونى فلو”: “خلال أكثر من خمسين سنة لم أنكر وجود إله فحسب، بل أنكرتُ أيضًا وجود حياة بعد الموت، ومحاضراتى التى سجلها كتاب “منطق الفناء” والتى تمثل خلاصة رحلتي مع الفلسفة التحليلية هذه شاهدة على ذلك”.
كتب “أنتونى فلو”: ” قلتُ فى بعض كتاباتي الإلحادية المتأخرة إننى وصلتُ إلى نتيجة بشأن عدم وجود إله بصورة متعجلة جدًا، وبشكل مبسط جدًا، ولكن تبين لى فيما بعد أنها كانت أسبابًا خاطئة جدًا، لقد كررتُ استخدام هذه النتيجة الخاطئة بشكل متكرر ومُفصل فى مناقشاتى وكتاباتى”. ولا شك في أن المقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج فاسدة وخاطئة.
ظل “أنتوني فلو” يردد طوال خمسة عقود متصلة: “على المرء أن يظل ملحدًا حتى يجد الدلیل التجريبى على وجود الإله”، وظل الرجل مُخلصًا لإلحاده حتى العام 2004، وخلال مناظرة فلسفیة أعلن “فلو” عن تحوله إلى التوحید وتخلیه تمامًا عن الإلحاد، ولم يكتفِ بذلك بل وضع كتابًا مهمًا ومؤثرًا وكاشفًا وهو: “هناك إله”، أظهر في صفحاته إيمانه التام والكامل بأن لهذا الكون ربًا قديرًا..وهو ما سوف نفصل فيه القول الأسبوع المقبل إن شاء الله.