مقالات الرأى

حازم عبده يكتب: حمى الحرق

0:00

أقل ما يوصف به فعل الكردي العراقي الأصل السويدي اللجوء والجنسية الذي أقدم على حرق نسخة من المصحف وتدنيسه يوم عيد الأضحى بمباركة وتصريح رسمي من الحكومة السويدية هو أنه إجرام وإرهاب ينشر الكراهية والعنصرية، وكلها جرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن أتباع الدين الذين أراد هذا المجرم استفزازهم.
وكما قال الكاتب المغربي الكبير الأستاذ عبدالقادر الإدريسي في مقال نشره يوم الجمعة الماضي في صحيفة العلم المغربية:”إن الشخص الهمجي الأخرق الذي أقدم على إحراق نسخة من المصحف الشريف أمام باب مسجد ستوكهولم لم يرتكب فعلاً مستفزاً للمسلمين فحسب، وإنما أساء إساءة بالغة إلى المؤمنين بالديانات السماوية كافة، وهتك القانون الدولي الذي يوجب احترام المعتقدات الدينية والامتناع عن نشر الكراهية والعنصرية الدينية والعرقية وتأجيج العداء بين الأمم والشعوب بل ألحق أضراراً بالمصالح الحيوية للدولة التي وفرت له أسباب الحياة في أمن وأمان فوق ترابها بحيث تكدرت العلاقات التي تربطها بدول عربية وإسلامية كثيرة، وربما قد تسوء وتتدهور الأمر الذي يضر بمصالح السويد، بصورة عامة، ويحول بينها وبين الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بحكم تأثير تركيا وحقها في قبول أو رفض انضمام أية دولة إلى الحلف.
لا أدري كيف تقبل الحكومات الغربية التي تدعي الإنحياز للإنسانية والحرية واحترام حقوق الآخر بأن يتم الاعتداء على مقدسات ورموز شركاء في الإنسانية، وأتباع الإسلام الذي يعد أحد أكبر الديانات من حيث الأتباع حيث يعتنقه ربع عدد سكان العالم (نحو 2 مليار نسمة) وهو الدين الثاني بعد المسيحية، وليس لدي من تفسير سوى أن مثل هذه الأفعال تصب في بحر من السموم المنظمة بدقة من قبل مؤسسات وجماعات تقف وراء مثل تلك الأفعال وتضغط على الحكومات والبرلمانات الغربية لمباركتها بزعم حرية التعبير، أليست حرية التعبير والحرية الشخصية والسياسية وكل الحريات تنتهي عند حدود الآخر وعدم الإضرار به أو إيذائه؟
إن الهدف الواضح لكل ذي عينين من هذه الجرائم هو استنفار العداء والكراهية ضد الإسلام والمسلمين، واستفزاز بعض المسلمين هنا أوهناك لارتكاب فعل عنيف لاستغلاله للترويج لعنف الإسلام وأنه دين قتل وتخريب ومصادرة للحريات، عبر آلات إعلامية ضخمة تغطي على الجريمة الأصل وتركز على رد الفعل، ما يفرض على الحكومات الإسلامية مواقف حاسم عاقلة تقطع الطريق على أي عنف تضمن الدفاع الحقيقي عن الإسلام ومقدساته.
وبالفعل كما خلص الصديق الإدريسي فإن مثل هذا الفعل الشنيع لن يتوقف بمجرد الشجب والتنديد والاستنكار، وإنما قد يتوقف أو ينحصر في أضيق الحدود إذا اتخذت دول العالم الإسلامي موقفاً موحداً ضد كل دولة تسمح بارتكاب مثل هذه الجريمة الشنيعة تحت مسمى حرية التعبير والحق في التظاهر والاحتجاج بأية طريقة يختارها المنظمون والمتطرفون ولذلك ينبغي أن يمارس العالم الإسلامي ممثلاً في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي كل أساليب الضغط والتأثير لدى الأمم المتحدة على مستوى الجمعية العامة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان واليونسكو ومؤسسة تحالف الحضارات لإصدار قرارات تدين بقوة وعبر آليات عملية فاعلة، جميع أشكال الكراهية ضد أتباع الأديان وازدراء رموزها ومعتقدات الأمم والشعوب ليكون أمام العالم قانون صارم يمنع مثل هذه الجرائم في حق المؤمنين من جميع الأديان.

زر الذهاب إلى الأعلى