ثقافة وابداع

الأتوستوب .. قصة قصيرة لـــ حسن عبد الرحمن

تأخر عن موعد خروجه من العمل وقد أنهى من فوره مكالمة هاتفية مع زوجته، أخبرها بأنه سوف يتأخر قليلاً. كانت شركته فى مكان موحش. وقليل جدًا أن تمر سيارة إلا نادرًا. أنوار سيارة قادمة بتأن من جيب الظلام أشار بإصبعه بطريقة الأتوستوب، فتوقف السائق على الفور سرعان ما جلس بجانبه، دون أن يتفوه بكلمة.

ولكنه لاحظ أن السائق يرتدى ملابسه الداخلية فقط، برغم الشتاء القارص، ويضع بين شفتيه سيجارة من أردأ الأنواع الذى يمكن أن تشتم رائحتها على الإطلاق. ولكن تنبعث منها رائحة أخرى. طلب منه أن يزيد من سرعته ولكنه نظر إليه مطولًا ونظر إلى بدلته وتفحص حقيبته بعناية شديدة.

هل تعمل فى الشركة التى على الطريق؟، أهى شركة أم ماذا؟، أجابه بسرعة نعم هى شركة.. أتقصد لأنها فى مكان موحش؟، أخرج السائق علبة من العصير وناولها له وألح عليه أن يشرب منها وأكد له أنها منتج نظيف من إنتاج الشركة التى يعمل بها. نعم أنا أمر من أمامها كل يوم، ولكنها تستوقفنى كثيرًا وفضولى لا يمنعنى من أن أعرف ما هو نشاط هذه الشركة؟، ولماذا هى فى مكان منعزل هكذا؟، أسئلة كثيرة لم أجد لها إجابات!، ها ماذا تقول؟، نظر إليه بعد أن تناول أول رشفة من العصير.. وقال ألهذا توقفت لى على الفور؟، وأنا كنت أحسبك تود إيصالى!، أجابه لا تشغل رأسك بأسئلة قد تؤلمها وأنا أحتاج رأسك الجميل. رأسى أنا؟، قالها وهو يضع كفيه فوق عنقه، ثم تحسس رأسه وقال له إما أن تزيد سرعتك أو، وربت السائق على كتفه، وقال لا تخف سأزيد من سرعتى، أين ستذهب فالمكان موحش؟، ثم أخرج سيجارة أخرى ووضعها فى فمه، ثم عزف بشفتيه لحن الموت.. لم يسرع بسيارته كما طلب منه.. ولكنه استمر فى العزف بفمه، ينفث دخان سيجارته فى وجهه.. انتهى من شرب العصير وقال رأيه مباشرة فى وجهه دون مواراة، ولعن صاحب المصنع لأن المنتج فعلًا ردىء جدًا.. حتى اسمه سخيف.. وسأله من اختار ذلك الاسم، قال بلهجة صارمة، اختارته زوجة صاحب المصنع على اسم والدتها، ولكنه بسخرية قال لماذا هل هو مولود جديد؟.

لم يفهم مزاحه ولكنه باغته بغباوة وقال بلهجة جادة: نعم هو مولود جديد. توقف بالسيارة فجأة، فى مكان مظلم بجانب صخرة كبيرة وراح ينظر يمينًا ويسارًا.. ثم شرع فى قضاء حاجته.. انتهز فرصته الذهبية التى كان يفكر بها طوال الوقت، فتح حقيبته فجأة.. وأخرج منها عدته، مطرقة ضخمة.. ضربه على رأسه من الخلف، فوقع مغشيًا عليه.. جذبه إلى صندوق سيارته النقل وأخفاه وسط صناديق العصير. توجه مرة أخرى عائدًا إلى شركته ومعه الصيد الجديد.. صيد ثمين، فالرجل بصحة جيدة وضخم الجثة.. قال له بنبرة المنتصر سأحقق لك فضولك الآن.. أظنك عرفت الآن ما نشاط الشركة التى أعمل بها؟، أما عن رأسى الجميل الذى يعجبك.. فإن رأسك كان يعجبنى أكثر منذ أن استقللت معك سيارتك العرجاء ولم أبح لك.. ثم استدار عائدًا بالسيارة إلى الشركة.

زر الذهاب إلى الأعلى