مقالات الرأى

شعبان ثابت يكتب: رمضان زمان

مع نسمات أول أيام شهر رمضان المبارك تذكرت عادات وتقاليد رمضان زمان في قريتي ومعظم القرى قبل دخول التيار الكهربائي حيث كنا نتجمع نحن الأطفال والكبار أمام مسجد القرية بعد صلاة العشاء في إنتظار ظهور الرؤيا وما أن نعرفها من شيخ المسجد أو من بعض من كان لديهم راديو حتى ننطلق مسرعين في الشوارع فرحين مكبرين بقدوم شهر الخير والبركة.

وقبلها بيوم كان يقوم الجزار في القرية بإحضار ( عجل) لذبحه وبيع لحومه قبل بداية الشهر حيث كانت الأسر تحرص على شراء كثير من اللحوم لتوزيعها على بناتها أو أخواتها المتزوجات مع بعض العيش ( الخبز) والفاكهة كعادة توارثوها عن آبائهم وأجدادهم وهي عادة محمودة تقوى صلة الرحم بين الأجيال وأسرهم!!

نعود إلى العجل الذي يحضره الجزار قبل شهر رمضان حيث كان يمسك به ويلف القرية ونحن الأطفال نجري من ورائه وهو يقول ( من ده بكره بقرشين) ونحن نردد من ورائه حتى يسمع ويعلم كل أهالي القرية ومن المظاهر أيضا كنا نذهب إلى بير المسجد لنحضر الماء من قاع (البير) ومنا من كان يذهب إلى حوض الماكينة الإرتوازية ليحضر الماء قبل المغرب مباشرة والبعض كان يشتري قطعة ثلج من شخص كان يحضر قالب ثلج كبير ليبيعه بالقطعة قبل الآذان وكان الزير أو البلاص الملفوف بالخيش هي المصدر الوحيد للماء علاوة على بعض الطلمبات التي كانت توجد في بعض المنازل!!

وقبل الإفطار كنا نتجمع أمام المسجد قبل آذان المغرب وما أن يقول المؤذن ( الله أكبر) حتى ننطلق في الشوارع مسرعين ونردد ( يدن يدن عيشك عطن أفطر يا صايم)
ونحن في غاية الفرح والسرور ومنا من كان صائم ومن كان فاطر الكل فرحان وبعد الإفطار نخرج للعب والضحك في الشوارع التي كانت تمتلئ بالناس بعد صلاة العشاء والتراويح حيث كانت الناس تتبادل الزيارات بعضها مع بعض حيث يخرج الرجال شله شله من عائلة واحده لزيارة فلان ثم فلان في اليوم التالي وهكذا يردوا هم الآخرين لهم الزيارة حيث كانت تسود روح المحبة والود والتصالح ولايأتي رمضان إلا وكله متصالح مع بعضه لأنها أيام كبيره ولايصح أن يبقى أحد في خصومة مع أخيه أو جاره أو حتى أحد من عائلة أخرى ( ليتها تعود ولو حتى في الأحلام)؟؟

ومن الذكريات أيضا في شهر رمضان الكريم (المسحراتي) حيث كان ينطلق بعد منتصف الليل شخص معين في كل قرية يتميز بالصوت الجهور العالي في شوارع القرية مرددا بشكل متكرر ( إصحي يا نايم وحد الدايم إصحي يا نايم قوم إتسحر) وكان يأخذ من أهالي القرية ما تيسر مما وجد عندهم من خير ربنا في نهاية الشهر!!

وبعدها تمتلئ الشوارع بالرجال والشباب للذهاب لصلاة الفجر وما أجملها من صلاة وبعدها يذهب كل إلى حاله من يعود للنوم يعود ومن يذهب لعمله في الغيط أو غيره يذهب!!

هكذا كان رمضان زمان وكل عام وأنتم بخير

زر الذهاب إلى الأعلى