عبد المعطى أحمد يكتب: فى الربيع زهور ومعان

يقبل علينا فصل الربيع, ويجيىء فتقبل معه الحياة بجميع ألوانها وأشكالها, فالأشجار تورق, وتزهر, والطيور تغرد, ووسائل الجمال تتعدد, فمن أغصان متمايلة إلى أزهار نامية ذات ألوان ومعان متعددة, وروائح ذكية.
يقول البحترى: أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النيروز فى غسق الدجى
أوائل ورد كن بالأمس نوما
يفتقها برد الندى فكأنه
يبث حديثا كان قبل مكتما
ورق نسيم الريح حتى حسبته
يجىء بأنفاس الأحبة نعما
ويقول الفيلسوف الإسلامى الكبير أبو حامد الغزالى: من لم يحركه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره, فهو فاسد المزاج وليس له علاج. ويقول الحكيم أبو قراط: كل أرض تنبت زهورها , فكل زهرة لها دلالة ومعنى.
إن فصل الربيع يذكرنى بانتعاش الحياة, فبعد جفاف الأشجار فى الخريف نشاهدها مخضرة فى الربيع, ومن الزهور التى أحبها زهرة”البانسيه” قريبة الشبه من زهرة “البنفسج”, وزهرة البنسيه اسمها العلمى “فيولا تريكولورهورتنس”, ومعناها:”أذكرنى”, واحتفظت هذه الزهرة بإسمها فى اللغة الفرنسية” بانسيه”, والذى تعرف به فى كثير من بلاد العالم, وهذه الزهرة لها ذكرى خاصة عند الملك هنرى الرابع ملك فرنسا المولود عام 1553ميلادية والمتوفى عام 1610 ميلادية, إذ كان مولعا بهذه الزهرة , وكان يتفاءل بها فى منفاه, معتقدا أنه طالما وجدت زهرة “البانسيه” بجواره فلن ينساه رعاياه, ولن يحرم من العودة إلى عرشه , لأن الشعب الفرنسى يعشق هذه الزهرة, ويحرص على زراعتها فى حدائق المنازل, وهذه الزهرة تعد لدى الشعب الإيطالى رمزا للحب والإخلاص.
إن فصل الربيع بانوراما للألوان الرائعة التى نشاهدها فى الحدائق والحقول, وهو فصل الجمال الطبيعى الباعث على تأمل الطبيعة الساحرة, وإبداع الخالق سبحانه وتعالى, وأنا أعشق الورد البلدى المتعدد الأنواع, وهذا الورد يمثل ثروة , لأنه يدخل فى صناعة العطور والشربات, وأحب أيضا زهرة “التمرحنة” متعددة الألوان, فمنها البنفسجى والأبيض والأرجوانى والقرنفلى, وهذه الزهرة نشاهدها فوق المسطحات الخضراء والحدائق العامة.

إن الطبيعة كتاب مفتوح يستطيع المتأمل أن يقرأ فيه ماينمى عقله, ويهذب مشاعره, ويرقى وجدانه, وهذه الطبيعة وخاصة فى فصل الربيع كانت مبعثا لإبداع الشعراء والكتاب.
زادت حركة السيارات بجميع أنواعها على كل الطرق, مما يشكل فى بعض الأحيان ازدحاما وضغطا على الطرق ,وزيادة فى عدد الحوادث, و فى تكلفة التنقل, وكذلك تكلفة نقل البضائع, وقد حبانا الله بنهر النيل العظيم الذى يربط الكثير من المحافظات,وكان يستخدم فى حركة النقل للأفراد(الأوتوبيس النهرى), وكذلك نقل البضائع, إلا أن ذلك اختفى منذ فترة, لذا أقترح أن نعود للسابق, ونستخدم النيل مرة أخرى فى نقل الأفراد والبضائع, لتخفيف النفقات, والحد من الازدحام على الطرق, وتقليل الحوادث والتلوث.
الأطباء من أكثر أصحاب المهن احتكاكا بمختلف فئات المجتمع, فأمامهم يرقد الجميع بغض النظر عن مستواهم الاقتصادى أو الاجتماعى, يشكون أوجاعهم ويتطلعون للدواء, ومن خلال ذلك يتواصل الطبيب مع نماذج بشرية متنوعة فيها المتعلم والمثقف, وفيها الأمى ومحدود الثقافة, وفيها أيضا أبناء الحضر والريف والصعيد والبدو, ولذلك امتلك عدد من الأطباء حسا اجتماعيا مرهفا, وأتذكر أنه فى الخمسينيات والستينيات كان كبار الأطباء فى القاهرة لهم عيادتان , عيادة فى وسط العاصمة أو أحد أحيائها الراقية, وأخرى فى حى شعبى, ويقسم الطبيب وقته بين العيادتين, واهتم آخرون بالشأن العام, منهم طبيب الأشعة فؤاد محيى الدين, وطبيب الأسنان كمال الأبراشى, وطبيب الأطفال حسين كامل بهاء الدين, وقرض آخرون الشعر, فكان منهم الدكتور أحمد زكى أبو شادى مؤسس مدرسة أبولو الشعرية, ومتعدد المواهب الدكتور إبراهيم ناجى الشاعر والموسيقى والمؤلف والمترجم, بينما انصرف بعضهم إلى الكتابة والأدب مثل: مصطفى محمود, ويوسف إدريس , ونوال السعداوى, وأحمد شوقى الفنجرى, ونبيل فاروق, وأحمد خالد توفيق.
حكمة قالها الفلاح المصرى قبل اختراع صندوق النقد الدولى بزمن طويل: تشترى غيط تجوع سنتين وبعدها تشبع العمر كله .. تبيع غيطك تشبع سنتين وبعدها تجوع العمر كله!!
يقول المثل اليابانى: “ابتعد عن المعلم سبعة أقدام حتى لاتدوس على ظله بالخطأ”, لذلك أصبحت اليابان عظيمة, فلا مستقبل لمجتمع يهان فيه المربى.
الفقر الحقيقى هو عدم امتلاك الكرامة وليس المال.