عنونت دراسة حديثة إلى إمكانية أن يكون قد تم قطع أصابع الرجال والنساء عن عمد خلال الطقوس الدينية في عصور ما قبل التاريخ، وفقًا لتفسير جديد لفن الكهوف الباليوليتي.
وفي ورقة بحثية قُدمت في اجتماع حديث لجمعية التطور البشري الأوروبية، أشار الباحثون إلى رسومات فنية قديمة تعود إلى 25,000 عامًا في فرنسا وإسبانيا تصوّر هياكل الأيدي، وعلى أكثر من 200 من هذه الطبعات، تفتقر الأيدي فيها على الأقل إلى إصبع واحد، وفي حالات أخرى، تفتقر عدة أصابع.
وكان في الماضي، يُعزى غياب هذه الأصابع إلى بصمة فنية من قِبل رسامي الكهوف أو إلى مشاكل طبية حقيقية عاشتها الشعوب القديمة، بما في ذلك تجميد الأصابع، ولكن العلماء بقيادة الأثرولوجي البروفيسور مارك كولارد من جامعة سيمون فريزر في فانكوفر يقولون إن الحقيقة قد تكون أكثر رعبًا، وأوضح كولارد: “هناك أدلة قاطعة تشير إلى أنه قد تمت قطع أصابع هؤلاء الأشخاص عن عمد في طقوس مصممة لاستحضار مساعدة من كيانات خارقة”.
ولم تكن هذه العادة فريدة من نوعها في وقت أو مكان واحد، مضيفاً: “هناك العديد من المجتمعات التي تشجع على قطع الأصابع اليوم وفعلت ذلك على مر العصور، شعب داني في هضبة نيو جينيا كانت تقوم النساء هناك أحيانًا بقطع إصبع أو أكثر بعد وفاة أحبائهن، بما في ذلك الأبناء والبنات، نحن نعتقد أن الأوروبيين كانوا يقومون بنفس النوع من الأمور في عصور ما قبل التاريخ، على الرغم من أن هوية الاعتقاد بعينه ما تزال مجهولة. إن هذه هي ممارسة لم تكن بالضرورة روتينية ولكنها حدثت في أوقات مختلفة عبر التاريخ، على حسب ما نعتقد.”
أطروحة
كولارد وزملاؤه نشروا أطروحتهم حول قطع الأصابع قبل عدة سنوات وتعرضوا لانتقادات من قبل علماء آخرين، ووفقًا لكولارد، تجمع فريقه بالتعاون مع الباحثة بريا مكولي المزيد من البيانات لدعم فرضية القطع.
وظهر ذلك في ورقة عُرضت في مؤتمر جمعية التطور الأوروبية، قالوا فيها إن أحدث أبحاثهم يوفر دليلاً أكثر إقناعًا على أن إزالة الأصابع كانت لاسترضاء الآلهة، مما يفسر صور الأيدي في الكهوف في فرنسا وإسبانيا.
وتنقسم هذه الرسوم إلى نوعين، هما الطبعات والقوالب، في الأولى، يضع الشخص يده في الصباغة ثم يضغط بها على الجدار، مما يخلق بصمة يد، وتم إنشاء القوالب عن طريق وضع اليد على الجدار ثم رسم الصباغة فوقها لإنشاء الظل. وفي كلا الحالتين، وُجدت أيادٍ تفتقر إلى أصابع في فن الجدران في أربعة مواقع رئيسية؛ كهوف مالترافيسو وفوينتي ديل تروتشو في إسبانيا، وكهوف غارجاس وكوسكير في فرنسا. وكانت كهوف كوسكير بالقرب من مرسيليا، هي آخر ما اكتشف في عام 1985 من قبل الغواص هنري كوسكير.
ونظر الفريق في أماكن أخرى للعثور على دليل على قطع الأصابع في المجتمعات الأخرى ووجدوا أكثر من 100 حالة تم رصدها، ويقولون: “كانت هذه الممارسة قد ابتكرت بوضوح بشكل مستقل مرارًا وتكرارًا، وتم فعلها من قبل بعض المجتمعات العاملة في الصيد مؤخرًا، لذلك من الممكن تمامًا أن تكون المجموعات في غارجاس والكهوف الأخرى قد ارتبطت بتلك الممارسة.”
ولم تكن الأمثلة مقتصرة على أوروبا فقط وفقاً للبحث، ويؤكد الباحثون أنه تم رصد أربعة مواقع في أفريقيا، وثلاث في أستراليا، وتسع في أمريكا الشمالية، وخمس في جنوب آسيا، وواحدة في جنوب شرق آسيا، وعثر في تلك المواقع على أدلة بقطع عمدي للأصابع، ويقول كولارد: ” تم هذا الشكل من الاعتداء على النفس من قبل مجموعات عرقية متنوعة من جميع القارات المأهولة، أكثر من ذلك، فإنه لا يزال يتم تنفيذها اليوم، في بعض القبائل البدائية” وأشار كولارد إلى أن تلك الطقوس لا تزال تجرى في موريشيوس وأماكن أخرى، مثل المشي على الجمر، وثقب الوجه بواسطة السيوف، ووضع السنانير من خلال الجلد حتى يستطيع الشخص سحب سلاسل ثقيلة خلفه، قائلاً: “يصبح الناس أكثر استعدادًا للتعاون مع أفراد المجموعة بعد خضوعهم لمثل هذه الطقوس. ربما قطع الأصابع كانت مجرد نسخة أكثر تطرفًا من هذا النوع من الطقوس.”