مختار محمود يكتب: فضيحة في الزمالك!
هذا أمر جلل، لا يجب أن يمر مرور الكرام. اتحاد كتاب مصر ، الكائن بضاحية الزمالك بالجيزة، يرشح شاعرًا عربيًا مثيرًا للصخب والجدل للحصول على جائزة النيل للمبدعين العرب 2024، وهي جائزة رفيعة ماديًا وأدبيًا. لم يجد اتحاد كتاب مصر من بين المبدعين العرب مَن يستحق هذه الجائزة سوى الشاعر السوري “أدونيس” الذي ترفضه “نوبل” منذ أكثر من ثلاثة عقود متصلة لأسباب معروفة للقاصي والداني. هل فقد الاتحاد الذي يرؤسه الدكتور علاء عبد الهادي عقله إلى هذا الحد؟ إم إنه الشطط والخروج عن المنطق؟
كان الاتحاد أعلن مساء الخميس الماضي ترشيحاته لجوائز الدولة المصرية، وحشر من بينها: اسم الشاعر السوري محمد سعيد إسبر المعروف أدبيًا وإعلاميًا بـ”أدونيس”.
معلومٌ أن الجوائز في مصر والدول العربية لا تخضع لضوابط ومعايير حاكمة، بل تحكمها –بشهادة مَن حصلوا عليها من قبل- الشللية والأهواء الشخصية، والأمثلة على ذلك كثيرة وصارخة ومتعددة.
ولمَن لا يعلم كينونة “أدونيس”، فإنه سوف يجد ضالته المنشودة فى مواضع شتى، من بينها: كتاب «أدونيس مُنتحلاً» الصادر قبل أكثر من ثلاثين عامًا بتوقيع المغربي «كاظم جهاد».
الكتاب يصف الشاعر -الذي يقترب رويدًا من عامه المائة- بأوصاف مؤلمة من قبيل: الإغارة والسطو والسرقة والانتحال، مع تعزيز مواقفه بشواهدَ ومقارناتٍ من أشعار القدماء والمحدثين، أبرزهم: الشاعر الفرنسى سان جون بيرس الحاضر صوته فى النص “الأدونيسي” بصورة لافتة!
هذا الرأى الصادم في التراث “الأدونيسي” يتفق مع آراء مجموعة غير محدودة من النقاد الآخرين الذين يرون الشاعر السورى فاقدًا لصوت شعرى مميز، ويعتبرون شعره مُفككًا مُغرقًا فى النرجسية، مُعليًا من تضخم الأنا، مفتقدًا للشعرية، منفصلاً عن تربته وجذوره وثقافته العربية!
فى كتابه: «شرائع إبليس فى شعر أدونيس» الصادر عن مكتبة «مدبولى للنشر»، دعا مؤلفُه الدكتور «صالح عضيمة» الشاعرَ المثير للجدل إلى مناظرة مُتلفزة، ووجَّه كلامه إليه قائلاً: «لأبيّنَ لك أمام الناس، كل الناس، أنك شاعرٌ مُحتالٌ ماكرٌ، وأن أكثر شعرك مسروقٌ ملطوش، وأن كتابك «الثابت والمتحول» هو من صُنع مُعلمك ومُرشدك «بولس نويا»، وليس لك فيه ضربة قلم، ولأبيِّنَ لك أشياء أخرى مهولة، تكاد لهَولها تُخرجُ الإنسانَ من نفسه، وليس من جلبابه فقط”!
الكتاب المذكور يقع فى سبعة فصول، أولها: بعنوان «الكلمة الحرة»، وفيه يتهم مؤلفُه «أدونيس» بأنه «يلهث وراء الجوائز، وأنه كاذبٌ فى كثير من مواقفه، وأنه يرجم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالهمز واللمز بألوان مختلفة من الإشارات والإيماءات بهيِّن القول ورخيص الكلام، لسبب أو لآخر فى المجالس المختلفة»، وهو الأمر الذى يتكسَّب من ورائه أشباه أدونيس وأقرانه، وهم فى ذلك مخصلون لهذه الرسالة أشد الإخلاص، وهم الذين يزجُّون باسمه كل عام في ترشيحات “نوبل”، وعندما لا يأتي الأمر على هواهم، يتصايحون فيما بينهم صيحة رجل واحد: “وما حاجة أدونيس إلى نوبل..نوبل هي التي تتشرف به”؟ منطق شيطاني رخيص!!
فى الفصل الثانى المعنون بـ«بحث فى الذات والهوية»، يصف المؤلفُ الشاعرَ «أدونيس» بأنه «قرينُ إبليس وسميرُه، ويستنجدُه حين تأبى عليه القريحة»، مشيرًا إلى أن «أدونيس يقرعُ الأسماع بأنَّ إبليس هو المعلم الأول للحرية والقائد الأول للتحرر، وهو الثابت الذى لا يتحول، والمتحول الذى يهز كل ثابت»، حتى يصل إلى قوله فى موضع آخر: «أدونيس لا يستطيع إلا أن يكون وليًا لإبليس وظلاً وتابعًا له.. ويعتبره مُخلِّصًا من العبودية وقائدًا للحرية، وسببًا من أسباب الديمقراطية».
وفى الفصل الثالث المعنون بـ«سرقة أخرى وحكاية الثابت والمتحول».. يشير فيه «عضيمة» إلى كتاب غير مشهور يفضح سرقات أدونيس، فيقول: «الشاهد الأكبر على سرقات أدونيس هو كتابه «الثابت والمتحول»، الذى سرقه من «بولس نويا».. على حد قوله!
وينقل لنا «عضيمة» حديثًا له مع «بولس» يعتبره دليلاً ناصعًا على سرقة «أدونيس» للكتاب منه، مُعتبرًا أن المقدمة التى كتبها «بولس» لكتابه لا تختلف فى أسلوبها ولا فى معالجتها للبحث عن أسلوب «أدونيس»!!
وفى الفصل الخامس: «بحث فى الاتهام والإثبات»، يعرض المؤلف لكتاب الباحثة البريطانية «فرانسيس ستونر سوندرز» التى تروى فيه دور المخابرات الأمريكية والبريطانية فى تمويل الأنشطة الثقافية وتحريكها فى أنحاء العالم، وأن مجلة «الشعر» إحدى ثمار هذا التوجه المشبوه، و«أدونيس» أحد جنودها الكبار الذين رافقوها منذ اللحظة الأولى، وهو الدور الذي ورثه مثقفون مصريون وعرب ولا يزالون ولا يخجلون، وبدا دورهم غير الأخلاقي وغير الشريف إبان الحرب على غزة مؤخرًا كاشفًا وواضح المعالم والملامح.
أمَّا الفصل الأخير، وبعد أن يُثبت تهمة السرقة والانتحال على «أدونيس» من خلال وثيقة «الفيزياء تُعلِّم الشعر»، يقول «عضيمة» بنبرة واثقة: «هذه الوثيقة ليست وحدَها التى تؤكد أنه سارقٌ مُتمرِّسٌ فظّ لا يستحي، فحياته كلها، من أولها إلى آخرها، سرقة كئيبة فظَّة، ومَن سرق مقالة يسرق كتبًا، ويسرق بيوتًا ويسرق جيوبًا وحقائبَ.. لكم أود أن يعرف كيف يخجل وكيف يستحي وكيف ينطمر»!
ولـ”أدونيس” مقولة معروفة تعكس جانبًا واضحًا وكاشفًا فى شخصيته، حيث يقول: «لستُ متشائمًا، أنا ثائر على كل شىء، والمتشائم لا يكون ثائرًا، بل يكون منهزمًا، وأنا القائل: «يرقُّ لى تمردى فأشتهي تمردًا حتى على التمرد».
وأخيرًا..فإن هذا مجرد غيض من فيض من سيرة “أدونيس”، والأمر متروك للجهات المعنية والمؤسسات الدينية المصرية التي لن يرضيها أن يحصل على أموال الشعب شاعرٌ اتخذ من الطعن في ثوابت المسلمين وعقائدهم وسيلة للتكسب والاسترزاق والشهرة.