هل صحيح أن البنت لأمها كما يقول المثل الشعبي اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها؟ إذا كان ذلك صحيحاً فقد أصبحت حياتي مدمرة تماماً، وإذا كان المثل كاذباً فأنا في حيرة في أمري لأن حماتي تكاد تكون حاصلة على الدكتوراه في الكذب، والحكاية أنني شاب في الخامسة والثلاثين من عمري، أعمل بوظيفة مرموقة ولديّ إمكانيات جيدة والحمدلله، ومنذ ثلاث سنوات خطبت فتاة من عائلة ممتازة وعلى خلق، ولكن أفسد العلاقة بيننا أنها كانت ريفية لم أستطع الاستمرار للنهاية،وذهب كل منا في طريقه متمنياً للآخر كل سعادة وتوفيق، وخرجت من تجربة الخطبة بمرارة في حلقي وآثار سيئة في نفسي لمدة عام كامل.
ثم.. التقيت فتاة جميلة جداً ومن أسرة طيبة عن طريق أحد أصدقائي فالتمست في شخصيتها كل المواصفات التي تمنيتها في فتاة أحلامي، وتمنيت بالفعل أن تكون زوجة لي، وحدثتها في الأمر فوجدت تجاوباً منها وظللنا نتحدث ساعتين كاملتين لأول مرة، وشعرت بعدها أن الله قد عوضني خيراً عن تأخري في الزواج، ومما زاد من سعادتي أنها اعترفت لي بأنني فتى أحلامها الذي كانت تتمناه حيث وجدت فيّ كل المواصفات التي كانت تحلم بها، وأنها تحمد الله لأنه وهبني لها، ولكن وكما يقول المثل “الحلو ما يكملش” لأنني اكتشفت بعد عدة زيارات لأسرة فتاتي أن أمها تتمتع بموهبة عظيمة في الكذب،وكأنها حصلت على الدكتوراه في كيفية الفشر الذي لا يصدق، فمرة تقول إنها كانت في “عزبتها”، واكتشفت بعد ذلك أنها كانت عند إحدى قريباتها في الشارع المجاور، وأن ما جلبته من العزبة لم يكن سوى مشتروات من السوق، ومرة تقول إنها كانت في لندن،لأكتشف بعد ذلك أنها كانت في بنها.
والآن أنا في حيرة من أمري، حيث بدأ القلق يساورني على مستقبلي مع هذه الفتاة بسبب “كذب أمها المستمر” وأشد ما أخشى أن تصبح فتاتي مثل أمها تستمرئ الكذب وتتعاطاه لأنها تربت في بيت كانت أمها فيه ذات موهبة فريدة من نوعها في الكذب، كما أنني لن أطمئن إليها إذا تزوجتها وغابت مثلاً في أي مشوار لأنني لن أصدقها مهما كانت صادقة ،
وكيف أصدقها وأمها تدعي سفرها إلى لندن بينما هي كانت في بنها؟ فهل أنا مخطئ إذا ابتعدت الآن؟ وإذا ظل الحال على ما هي عليه ماذا أفعل حتى أقضي على الشك بداخلي وأظل على حبي لفتاتي دون شيء يعكر صفوه؟
الحائر بين حبيبته وأمها الكذابة.
القاهرة
———————-
يقول الرسول الكريم (ص) “إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً”
فالكاذب أو الكاذبة لا أمان له لأنك إذا أدركت أن فلاناً كذاباً فلن تصدقه وإن أقسم لك على الماء تجمد ،وكيف تصدقه والمعروف عنه الكذب، وهنا يختلط الصدق بالكذب فيختلط الأمر، فلا تعرف أهو صدق أم كذب!!
وما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة..
ويبدو من رسالتك أنك تتعامل بمنطق الأسود والأبيض وليس بينهما الرمادي، وأصحاب هذه الطريقة في الحياة يفرحهم الصدق ويؤلمهم الكذب ،وهاأنت قد فرحت بفتاتك الجميلة التي وجدت فيك فتى أحلامها، فرفعتك وارتفعت معك إلى عنان السماء بحبكما الجميل الذي أردتما تتويجه بالزواج، ولكن كذب أمها حال دون إتمام سعادتكما،وهاأنت بدأت تتوارى خلف ستائر الأحزان بحثاً عن مخرج لهذه الأم الكاذبة، وهنا لابدّ أن أذكرك بحديث رسول الله (ص) عندما كان ينصح باختيار الزوجة الصالحة فقال (إياكم وخضراء الدمن” فقال الصحابة، ومن هي خضراء الدمن يا رسول الله؟ فقال “المرأة الحسناء في المنبت السوء”.
وأنا أعتبر أن كذب الأم المستمر منبت سوء نبتت فيه فتاتك لأنها ترى أمها ليلاً ونهاراً وهي تتعاطى الكذب وكأنه الماء والطعام، والمثل يقول من شب على شيء شاب عليه، وفتاتك رغم جمالها ورقتها وحبها لك قد شبت في بيت أحد أركانه الكذب ،فبالتالي سوف يكون الأمر بالنسبة لها قائماً على أساس “كذبة صغيرة تمنع بلاوي كتيرة”، مع أن ذلك غير صحيح لأن من يسرق دجاجة يسرق جملاً، ومن يكذب في كلمة يكذب في كتاب، وكان من الممكن أن أقول لك لا تزر وازرة وزر أخرى ،ولكن ذلك لا يفيد لأن الشك بدأ يملأ قلبك تجاه فتاتك بأنها قد تكون كاذبة مثل أمها ،وإذا لم يظهر ذلك عليها الآن سيظهر عليها بعد الزواج، ولا أستطيع أن أقول لك تقدم لخطبتها ثم تزوجها. “واللي يحصل يحصل” فذلك غير صحيح لأن بتر أحد أعضاء الجسم المصاب بالغرغرينا سيحمي بقية الجسم من التسمم،وبتر العلاقة من الآن أفضل ألف مرة من الاستمرار فيها والأمر متروك لك إما أن تنهي العلاقة وأنت على البر، وتتألم قليلاً ثم تهدأ النفوس، وإما أن تستمر حتى النهاية ،
وتتزوج فتاتك وتذهب لقضاء شهر العسل في جمصة ثم تعود وتقول إنك كنت في باريس.. “ومن عاشر القوم أربعين يوماً أصبح منهم”.. وفتاتك تعاشر أمها منذ مولدها.. ثم أنت ستعاشرها بقية العمر.. فقدّر لقدمك قبل الخطو موضعاً!!