
في رحاب منتدى الثلاثاء الذي يحتفي بالشعر والجمال، نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية مساء يوم الثلاثاء الموافق 12 أغسطس 2025، شارك فيها كل من الشعراء: طلال الصابري، شمس الدين بوكلوة، والسر مطر، وذلك بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، إضافة إلى حشد كبير من الجمهور ، الذي تنوعت مشاربه من نقاد وشعراء ومحبين للقصيدة، والذين امتلأ المسرح بهم وازدان بتفاعلهم وتصفيقهم.
وقدم الأمسية د. إيمان إيبو، التي رحبت بالحاضرين، ورفعت أسمى آيات الشكر والعرفان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، الذي جعل من هذه الإمارة المشرقة عاصمة للضاد تنبض بالقيم والأصالة وتزهر بالمعرفة والشعر، وجعلها متحفا حياً للغة العربية ، وقالت: ” من هنا.. الشارقة…المرتع اليانع لكل صوت يزهر في فسحة العربية. إنها حاضنة العقل الذي يصنع رغيد الروح، ويترجم إلهامه لخلود إنساني.”.
وافتتح القراءات الشاعر طلال الصابري، الذي استحضر تحولات الشاعر وتساؤلاته في عوالم الكتابة، متسائلا عن جدواها ورؤاها في قصيدة بعنوان “لمن”، من أبياتها:
ﻟﻤﻦ ﺳﻮف ﺗﻜﺘﺐ ھﺬه اﻟﻘﺼﯿﺪة
ﺑﺮﻏﻢ اﻷﺳﻰ وﺣﻨﯿﻦ اﻟﻌﯿﻮن
وﻛﯿﻒ ﺳﺘﻜﺘﺐ ﻣﺎ ﻋﺎد ﺻﻮﺗﻚ
ﯾﺸﺠﻲ وﯾﻄﺮب ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﻮن
وﻛﯿﻒ ﺳﺘﻜﺒﺮ ﻓﯿﻚ اﻷﻣﺎﻧﻲ
ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺐٍ ﻣﺎﺋﻞ ٍ ﺑﺎﻟﻐﺼﻮن
وﻛﯿﻒ ﺳﺘﻨﺜﺮ ورد اﻷﻏﺎﻧﻲ
ﻋﻠﻰ ﻏﺎرب اﻟﺤﻆ رﻏﻢ اﻟﺸﺠﻮن
ثم ألقى نصوصا عن الحياة والتجارب الإنسانية وعلاقته بالشعر، مصورا مشاعر الألم والأمل وأحلام الكتابة ، فيقول في أحدها:
مازال يمسحُ أحلامًا ويكتبها
يخط حرفاً ويأتي الحرف يلغيه
يجرد العمر ينسى كل أمنيةً
يخنق الوهم في روحٍ ويحييه
تلك الطباشير في جدران موعده
تبوصل الوجهة الأولى وتثنيه
وكلما رف طيرٌ في قصيدته
تصيده طلقةٌ أخرى وترديه
بعد ذلك، قرأ الشاعر شمس الدين بوكلوة مجموعة من نصوصه، بدأها بنص لإمارة الشارقة معبرا عن حبه وتقديره لها ، وهو بعنوان “طريق الشمس”، فيقول:
على سككِ الحقيقةِ قدْ مشيْتُ
وقاطرةُ الزمانِ عليَّ وقْتُ
أنا المعنى المسافر في مجازي
إذا تعبَ الجوادُ إليَّ عُدْتُ
أنا المعنى القريب إلى صفاتي
إذا رجعَ الصدى كِسَفا رجعْتُ
وتتبعني خطايَ إلى بلادٍ
بكلِّ جهاتها شمسا أضأتُ
أما في نصه المعنون “حوارية الموت” ، فجعل من الفقد موضوعا يتعالق مع الذكريات والآلام، فيقول:
أبدًا بذكْركِ تنقضي ساعاتي
ما بين أحزاني وفي خلواتِي
وبموتكِ انكسرتْ صفاتي مثلما
لحياتكِ انعطفتْ جميع جهاتِي
كنتِ القصيدةَ والرفيقةَ، كنتِ آ
خر ما تبقَّى منْ صدى الكلماتِ
كنتِ الحقيقةَ، تزرعُ الأملَ الجميــ
ــلَ بكلِّ ماضٍ في الحياةِ وآتِ
واختتم الأمسية الشاعر السر مطر، الذي قرأ قصيدة “معارج لشرفة عذراء”، ساد فيها أسلوب حواري شفيف يمزج بين البحث والتساؤلات عن آفاق الوجود واصطياد المعنى، ومما جاء فيها:
سأَرسِمُ صَيْدًا لِتَائِهِ بِيدٍ
وفي اللَّحْظَةِ البِكْرِ أُخْطِئُ سَهْمِي!
ولَيلًا طَويلًا لِحَاطِبِ لَيلٍ
وفَأْسًا لِيَقْطَعَ أشْجارَ حُلْمِي!
سأرسِمُ شَيبًا بِمَفْرِقِ طِفلٍ
وأكْسِرُ دُمْيَةَ شَيْخٍ بِحَجْمِي!
ومَوتًا يُطِلُّ بِمَكْرٍ عَلَينا
لِيُثْبِتَ أنَّا نَعِيشُ بِوَهْمِ!
كما ألقى نصا آخر محملا بأسئلة القصيدة، بعنوان ” بكائيّة بين يدي مالك بن الريب” ، استحضر فيه الشاعر الشهير، وحاور روحه الشجاعة وتاريخه المضيء، فقال:
على شاطِئِ الدُّنيا أَرَقْتُ سُؤَالِيا
فزادَ وُضوحُ الماءِ إذ كان عارِيا
وفَرَّ إِوَزُّ الوقتِ واصْطَفَّ في الفَضَا
فنادَيْتُهُ: يا عُمْرُ، حَلَّقَ عاليا
لماذا اقترَحْتَ التِّيهَ.. ثم تَركتَني؟
-على كل حالٍ قد أَلِفْتُ المَنافيا-
لأَجلِ غَدِي المَجهول؛ ضَيَّعتُ حاضري!
لألقَى المُنَى شَيخًا؛ أضَعتُ شَبابيا!
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء المشاركين ومقدمة الأمسية.