
في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء، أقام بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة، أمسية شعرية، مساء الثلاثاء 13 مايو 2025، شارك فيها الشعراء، حسن النجار من الإمارات، وليد عبدالحفيظ من مصر، و عبدالله العبد من سوريا، وقدمتها الأستاذة وئام المسالمة، وحضرها الشاعر محمد عبدالله البريكي، مدير البيت، وجمهور عريض احتشد في المسرح، وجمع عدداً كبيراً من محبي الشّعر والنقاد والشعراء والأكاديميين، الذين تفاعلوا مع النصوص.
وبدأت الأمسية بكلمة تقديمية لوئام المسالمة، قدمت فيها أسمى آيات الشكر والعرفان إلـى راعي الثقافة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقالت “من هنا في شارقة الإبداع يلتقي عشاق الشعر وفرسانه من كل وطن وصوت وانتماء، اليوم لن نقف أمام القصيدة وقوف السامعين فحسب بل وقوف المنتمين إلى لغةٍ أنزل الله بها كتابه، وتغنى بها الأوائل عشقًا وفخرًا فهي تحمل في طياتها هُوية الأمة وذاكرة الزمن ومن أرض احتضنت الحرف وآمنت بالكلمة من شارقة النور نبعث تحية إجلال لراعي الثقافة والأدب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، أطال الله بعمره وأدامه ذخرا للعربية وأهلها.”
افتتح القراءات الشاعر حسن النجار، الذي كانت قصائده فصول مزهرات، تتغنى بالحزن على نايٍ يئن من الوجد والشجن، فقد قرأ من قصيدة “فصول مزهرات” التي جالت في فيافي الحروف، ومواسم الأمنيات:
تسامى باسقاً، وازدانَ فيئا
وأثمرَ في رياضِ العمرِ ضوءا
وأوغلَ في فيافي المجدِ سعيًا
ومرتحِلاً كأنَّ الروحَ ظمأى
لإشراقٍ يجدُّ، وكلُّ دربٍ
يلوحُ لَهُ سيستهويهِ بدءا
وفي كل المواسمِ أمنياتٌ
سيبعثُها هوىً وتعودُ ملأى
ثم قرأ نصًّا آخر
ومن قصيدة “ناي جلال” التي غرقت في التأمل والصمت في حضرة العزف، والعروج إلى سدرة المعنى، فقال:
حزينٌ.. وهذا النايُ بعضُ شفائهِ
تمزَّقَ روحاً من حنينِ لقائهِ
يدورُ بهذا التيهِ عمرًا مسافراً
إلى سدرةِ المعنى وبابِ سمائهِ
تفتحتِ الأبوابُ لحظةَ أن رأتْ
بصيرتُهُ أسرارَ ما في اصطفائِهِ
أما الشاعر وليد عبدالحفيظ، فقد شحن قصائده بالتساؤلات، وحمّلها بالذكريات، وهو يطوف بحروفه على تفاصيل القرى،وأنين الأماكن، ومن قصيدة طقدم ترفو خطوتها:
إِنَّ السَّمَاءَ عَلَىٰ عَيْنِيَّ ضَيِّقَةٌ
وَصَوْتِيَ الْحُرُّ يَشْكُو مِنْ تَآكُلِهِ
يُسَائِلُ الطُّرُقاتِ اللَّوْلَبِيَّةَ عَنْ
مَصَاطِبٍ ذَرَّفتْ مِنْ جُرْحِ كَاهِلِهِ
لَيْلٍ بِطَعْمِ الحَنِينِ امْتَدَّ؛ طَمْأَنَةً
سَنَابِلُ القَمْحِ نَامَتْ فِي حَواصِلِهِ
لَيْلٍ ثَقِيلٍ عَدِيمِ القاعِ جَوْهَرُهُ
يَسْتَلْضِمُ النُّورَ مِنْ فَوْضَىٰ مَشَاعِلِهِ
ولم يبتعد وليد في نصوصه الأخرى عن القرية وظلال الذكريات الغائرة في روحه، وهو يتتبع خطاها عبر أزمنةٍ أورثته الحنين والغربة، ومنها:
إِلى قريةٍ أورثتني خطاها
وَأزمِنَةً في المَدَى غَائِرَةْ
وَأَرغِفَةٍ أَقلَقَتْ نومَ أُمِّي؛
فَباتَتَ وسادتُها شَاغِرةْ
وَظَلَّتْ عَلى مَطلع الفجرِ مُذْ
وَدَّعَتْنِي بتلويحة خائرةْ
واختتم القراءات الشاعر عبدالله العبد، الذي جاءت قصائده محملة بالذكريات التي تتهجد في محراب الزمن، وكأنها ورد صلاة يحافظ عليه في نصوصه، ومن “الداء الأخير” الذي تميز بلغة شفيفة عميقة، قال:
تذكرتَني ونسيتَ صلاتكْ
وألحقتني بالقطار وفاتكْ
وعلمتني كيف أصبح عود
ثقابٍ وأشعلت مني حياتكْ
وأغلقت عينيك حتى تراني
وبالغت باسمي فصار أداتكْ
وأغرقت نفسك بي وربطتَ
يديك ولم تتقبل نجاتكْ
ومن نص آخر، لم يخرج من محراب النور، ومشكاة الوحي، قرأ العبد نصا بعنوان “نور على نور” تجلت في جسده الروحانية العاشقة، فقال:
لأنك مصباح المصابيح كلها
يقولون: لا ندري إذا البرق يبرقُ
وكفكَ في الصحراء تشبه غيمةً
على أي غصنٍ مسَّدتْ يتورقُ
تمرُّ على شبه الجزيرة كلها
فترتقُ أرضاً وجهها يتفتقُ
محاصرةٌ في رقعة القوم مهجتي
ولم يبق لي في خندق الجند بيدقُ
وفي ختام الأمسية كرّم الشاعر محمد البريكي، الشعراء ومقدّمة الأمسية.