عرب وعالم

المصالحة السعودية الإيرانية تبشر بقرب إقرار السلام في اليمن

كتب - محمد محمود عيسى

أجرى وفد حكومي سعودي مؤخرا زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، للقاء قادة جماعة الحوثي، التي تسيطر بشكل فعلي على معظم الأراضي اليمنية. حيث أجرى الطرفان محادثات بشأن إنهاء الصراع في اليمن. وهذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها وفد سعودي رسمي إلى اليمن منذ اندلاع حرب اليمن.
وبحسب مطّلعين، أحرز الطرفان تقدما إيجابيا في اليوم الأول من المحادثات، حيث عبرت جماعة الحوثي عن قبولها لمقترح السلام السعودي. واتفق الجانبان على أن تستضيف السعودية صياغة اتفاق التسوية الذي سيوقعه الحوثيون ومجلس الرئاسة اليمني في مكة المكرمة في المستقبل القريب. وهوما مايبشر بفجر السلام في اليمن بعد صراع دام قرابة 9 سنوات.
ويعتقد دينغ لونغ، الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، أن الأطراف الرئيسية المشاركة في الصراع اليمني يمكن أن تتوصل إلى اتفاق سلام، بسبب النقاط التالية:
أولاً، المصالحة السعودية الإيرانية أرست أساسا للسلام في اليمن. حيث تمثل المملكة العربية السعودية وإيران طرفان مهمان في الصراع اليمني، وقد هيأت المصالحة بين البلدين بيئة خارجية مواتية لإرساء السلام في اليمن. وبعد الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، توصل طرفا الحرب الأهلية اليمنية على الفور إلى اتفاق حول تبادل الأسرى، وأحرزا تقدما سريعا في محادثات السلام. ويمكن القول، أن الوساطة الصينية الناجحة بين السعودية وإيران، قد أزالت العقبات الخارجية أمام المصالحة اليمنية ودفعت نحو مصالحة واسعة في الشرق الأوسط. ويعتبر السلام في اليمن أهم تطور إيجابي ومباشر لدبلوماسية الوساطة الصينية في الشرق الأوسط.
ثانيًا، هناك رغبة ملحّة لدى الأطراف المتصارعة في اليمن لطي صفحة الحرب. فبعد أكثر من 8 سنوات من الصراع، استنزفت جميع الأطراف المتحاربة في اليمن قواها، وفشلت في تحقيق هدفها بالسيطرة على كامل الأراضي اليمنية. مما فرض التسوية السياسية للقضية اليمنية كحل مرض لجميع الأطراف.
منذ عام 2022، تراجعت حدة الصراع اليمني بشكل كبير، وتوصلت الأطراف المتحاربة إلى اتفاقيات وقف إطلاق نار مؤقتة عدة مرات. مما يعكس بأن جميع الأطراف المتصارعة قد رضيت بنتيجة وقف إطلاق النار وأن الظروف الداخلية للسلام قد نضجت.
في الحقيقة، لقد وصلت الحرب في اليمن بالفعل إلى طريق مسدود، وبات من الصعب على أي طرف تغيير الوضع الراهن. وبصفتها طرفا خارجيا، دفعت السعودية ثمناً باهظاً للحرب في اليمن وتحملت ضغوطاً دولية هائلة، وباتت تأمل في الخروج من مستنقع الحرب اليمنية في أسرع وقت ممكن. كما بات من الصعب على الحوثيين توسيع نفوذهم في جنوب اليمن بعد المصالحة السعودية الإيرانية، بسبب انقطاع الدعم الخارجي.
ثالثًا، وساطة عُمان والأمم المتحدة أحرزت تقدما. حيث عقدت عُمان مفاوضات سعودية إيرانية حول الملف اليمني في مسقط خلال العامين الماضيين، مستفيدة من علاقاتها الطيبة مع البلدين. أثمرت توصل البلدين إلى اتفاق أساسي حول التسوية السياسية للقضية اليمنية. كما بذلت الأمم المتحدة جهودًا متواصلة لتعزيز وقف إطلاق النار في اليمن وتبادل الأسرى، وتمكنت من تحقيق نتائج ملحوظة. وبعد المصالحة السعودية الإيرانية التي رعتها بكين، قامت الأمم المتحدة بتسهيل تبادل الأسرى بين الأطراف المتنازعة في اليمن. كما استفادت عُمان المصالحة السعودية الإيرانية لتعزيز جهود الوساطة، وأرسلت وفدا لحث طرفي الصراع على التوصل إلى اتفاق.
وبموجب خطة السلام التي اقترحتها المملكة العربية السعودية، ستحقق الأطراف المتصارعة في اليمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار وتحدد فترة انتقالية سياسية مدتها سنتان. وخلال هذه الفترة، سيعمل الجانبان على التوصل إلى اتفاق حول الترتيبات السياسية وتشكيل حكومة ائتلافية للإعداد لإعادة الإعمار. وإذا تقدمت عملية السلام بسلاسة، فسيصبح السلام في اليمن حقيقة واقعة في المستقبل غير البعيد.
بعد سنوات من الصراع، علقت جميع الأطراف الداخلية والخارجية في مستنقع حرب اليمن، وأصبح الوضع السياسي بالغ التعقيد. والاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية والحوثيين ليس إلا بداية لعملية السلام في اليمن، لكن الطريق لايزال طويلا قبل التسوية النهائية. حيث لاتزال الثقة المتبادلة بين الجانبين هشة، وقد تكون الخلافات اللاحقة حول الترتيبات السياسية حتمية، ومن الطبيعي أن تمر عملية السلام بمخاض. لذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يواصل العمل الجاد، ويضاعف جهود الوساطة، ومراقبة تنفيذ مختلف الترتيبات حتى يتم حل قضية اليمن بشكل نهائي.
زر الذهاب إلى الأعلى