«الوزراء»: محركات البحث التقليدية لن تكون الخيار الأول للمستخدمين مستقبلا
كتب- محمد السيد
أكد أسامة الجوهرى، مساعد رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أهمية منصات الذكاء الاصطناعى كأحد المؤثرات شديدة الأهمية لمستقبل استخدام الإنترنت، فمحركات البحث التقليدية لن تكون الخيار الأول للمستخدمين فى المستقبل.
جاء ذلك فى بيان للمركز الإعلامى لمجلس الوزراء حول الندوة التى نظمها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بالتعاون مع أكاديمية العلوم الشرطية بإمارة الشارقة بدولة الإمارات، تحت عنوان: “مستقبل منصات الذكاء الاصطناعى.. تطبيق”Chat GPT” بحضور نخبة من قادة الفكر وأساتذة العلوم السياسية وعلم الاجتماع وخبراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبمشاركة وفد من الأكاديمية بجانب قيادات المركز،وذلك تنفيذا لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء
وأشار الجوهرى إلى التحديات التى تواجه شركات التكنولوجيا الدولية الكبرى نتيجة منصات الذكاء الاصطناعى، حيث يزخر تاريخ الأعمال بتجارب شركات دولية كانت رائدة فى مجالها كما إنها فقدت أسواقها بسبب تأخرها فى مواكبة التطورات التكنولوجية فى حين استطاعت منصة Chat GPT بعد شهرين من إطلاقها فى استخدامها من 100 مليون شخص، وهو أكبر معدل استخدام فى تاريخ البشرية تحقق فى هذا التوقيت.
وخلال حديثه ألقى الجوهرى الضوء على التساؤل الأبرز حاليا، وهو إلى أى حد يمكن الثقة فى هذه المنصات، والعالم الدولى يناقش الملف آخذا فى اعتباره 4 ملفات رئيسة، هى: الاعتبارات الأخلاقية لاستخدام هذه التطبيقات، وكيف ستحقق تلك التطبيقات عوائد، والمخاطر الاحتكارية؛ لا سيما وأن السوق العالمية بها كيانات ضخمة يسهل عليها الاستحواذ على أى شركات جديدة تظهر فى قطاع التكنولوجيا، وأخيرا محاولة المجتمع الدولى توقع تأثير الذكاء الاصطناعى على الوظائف فى المستقبل.
ونوه الجوهرى إلى ضرورة أن تعمل مصر والدول العربية على خلق مزيد من الآليات وإجراء العديد من الدراسات، وفتح الحوارات والمناقشات والخروج بسياسات تضمن سرعة مواكبة تلك التكنولوجيات فى تحركاتنا المستقبلية.
فى سياق متصل، أبدى العميد الدكتور محمد خميس العثمنى، مدير عام أكاديمية العلوم الشرطية بإمارة الشارقة بالإمارات، سعادته باللقاء وحفاوة الاستقبال، وأكد أهمية موضوع الندوة فى ظل الجهود المطلوبة لمواكبة التطورات التقنية كأحد أهم متطلبات المستقبل، مشيرا إلى أن الأكاديمية تحرص على دراسة تلك المتطلبات لتلبية التوجهات الحكومية للإمارات، وبناء برامجها وفق أفضل المناهج الحديثة خاصة فى المجال الأمنى، مضيفا أن التطورات التقنية المختلفة فرضت العديد من التحديات فى مواجهة الجريمة بظهور أنماط مستحدثة منها فى ظل التطور التقنى الهائل، بما يشير إلى ضرورة استمرار البحث لتجنب السلبيات المتعلقة بالظواهر التقنية الحديثة بجانب الاستفادة من مميزاتها وخاصة فى مجالات التعليم والبحث العلمى وغيرها.
وقدم الدكتور “العثمنى” عرضا حول أبرز الخطوات المتخذة بدولة الإمارات لمواكبة تطورات الذكاء الاصطناعى، سواء فى مجالات التنبؤ بالمستقبل والتعليم والصحة وتقديم الخدمات الحكومية عن بعد وغيرها، بجانب عرض أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعى الأمنية المستخدمة بدولة الإمارات، مضيفا أن الإمارات بدأت فى التعامل مع تطبيق Chat GPT للاستفادة من مميزاته خاصة فى المجالات التعليمية، مع رصد جوانب تأثيراته ومخاطره على الصعيد الأمنى.
وفى السياق ذاته، أشار الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى التأثيرات المحتملة لانتشار التطبيقات الإلكترونية الحديثة، مثل: تطبيق Chat GPT، والذى أكد أنه حظى بانتشار عالمى غير مسبوق، بما أثار حالة من الجدل عالميا حول شكل عصر الذكاء الاصطناعى الجديد، وتأثيره على الجوانب المتعلقة بالخصوصية والمسؤولية والتوظيف والنواحى القانونية والمعلوماتية.
وأشار إلى أن ذلك التطبيق أصبح بمثابة نقطة تحول فى تاريخ البشرية بحسب وصف الملياردير الأمريكى الشهير “بيل جيتس” مؤسس شركة “مايكروسوفت”، والذى أكد أيضا أن التطبيق سيلعب فى الوقت ذاته دورا كبيرا فى مجالات الصحة والتعليم والفقر وغيرها، لافتا إلى أهمية رصد تداعيات تلك التقنيات الحديثة فى المجالات السياسية وتأثيرها على المنطقة العربية.
واتفق معه، الدكتور عبد المنعم سعيد، المفكر السياسى وعضو مجلس الشيوخ، والذى أكد أهمية سرعة اللحاق والمشاركة فى التطور التكنولوجى السريع الذى يشهده العالم حاليا، لتأثيره الواسع فى كافة المجالات خاصة المجالات الصناعية.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعى أصبح يقوم على خدمات تخزين المعلومات والبيانات بكثافة، وهو من المجالات الجديرة بالبحث والدراسة، الأمر الذى يحمل فرصة كبرى للحاق بالثورة التكنولوجية الجديدة، لافتا إلى سرعة التطورات والتغييرات التكنولوجية بدخول الصين فى ذلك المجال، وهو ما يشير إلى إمكانية ظهور ثورة جديدة فى مجالات الذكاء الاصطناعى خلال الـ 5 سنوات المقبلة.
ولفت الدكتور سعيد المصرى، أستاذ علم الاجتماع، وأمين المجلس الأعلى للثقافة سابقا، إلى تأثيرات تلك التقنيات الحديثة على الجوانب الثقافية والاجتماعية، مشيرا إلى أن ظهور التكنولوجيات الحديثة دائما ما يرتبط بما يمكن وصفه بـ “الذعر التكنولوجى” حيال الجوانب المجتمعية والإنسانية، رغم أن التاريخ دائما ما يشير إلى أن التطور التكنولوجى يقدم فرصا ومزايا عديدة بقدر ما يمكن أن يترك آثارا سلبية.
وشدد على أن ذلك الأمر يحتم ضرورة أسبقية الاستعداد ودراسة التحديات المرتبطة خاصة بالنسبة للأجيال الجديدة، والفرص المتاحة للاستفادة من تلك التجارب التقنية فى مجالات، مثل: التعليم الذاتى والصحة النفسية وغيرهما.
وفى ذات السياق، قام الدكتور محمد سالم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، بتقديم عرض حول ثورات الذكاء الاصطناعى وعلاقتها بمجالات الوظائف والعمالة والتشغيل، وكذلك استعراض تاريخ الشركة المنتجة لتطبيق Chat GPT والتى تأسست فى عام 2015، ونمت قيمتها السوقية لتبلغ 30 مليون دولار حاليا.
وأضاف أن ذلك التطبيق تم إطلاقه فى نوفمبر 2022، بعد تغذيته بحجم هائل من البيانات والمعلومات التى تساعده فى الإجابة على مختلف التساؤلات البشرية، عبر حوارات نصية مع المستخدمين، لافتا إلى أن ذلك التطبيق قد يتسبب فى فقدان العديد من الوظائف على مستوى العالم بحسب التقديرات العالمية، مع ظهور أنماط جديدة من وظائف المستقبل، خاصة فى ظل ما نشهده من توجهات عالمية نحو زيادة الاعتماد على الماكينات الآلية لتحل محل الإنسان بشكل يفوق الذكاء البشرى، وهى التجربة التى أطلقها قبل سنوات الملياردير الأمريكى “إيلون ماسك”، والذى وصف آثار الذكاء الاصطناعى بأنها ستكون أخطر من القنبلة النووية.
كما قدم الدكتور محمد الجندى، خبير أمن المعلومات والتحول الرقمى، عرضا حول أبرز المحطات التاريخية فى مسيرة الذكاء الاصطناعى بمخاطره وجوانبه الإيجابية.
وأوضح أن الهجمات السيبرانية ونشر الشائعات على شبكات التواصل الاجتماعى أصبحت من أبرز مخاطر الذكاء الاصطناعى، الذى يتم استخدامه أيضا لتزييف أصوات وصور البشر ومحاكاتها، بجانب استخدامات أخرى واسعة فى مجالات التسليح عالميا، وهو ما يؤثر بدوره على زيادة التحديات على المستوى الأمنى، موضحا أن التعاون فى مجالات التنظيم القانونى والتشريعى لمجالات الذكاء الاصطناعى سيسهم فى الحد من الآثار السلبية للثورات التقنية، مع تبنى سياسات عالمية تحافظ على القيم الإنسانية والثقافية.
وعرضت سالى عاشور، المدير التنفيذى للإدارة العامة للدراسات المستقبلية بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، جوانب التجربة التى أطلقها المركز لدمج الشباب فى عملية صنع القرار من خلال تدشين مبادرة “مختبرات المستقبل”، والتى استهدفت فى أولى فعالياتها خلال مارس الماضى، استشراف المستقبل بعيون شبابية فى مجالات الذكاء الاصطناعى، ومناقشة السيناريوهات المستقبلية لانتشار التطبيقات الإلكترونية الحديثة، وذلك من خلال إجراء مقابلات مع عدد من الطلاب بـ 25 جامعة حكومية وخاصة، بجانب الجهود المبذولة داخل المركز لاستطلاع آراء الخبراء والمتخصصين.
ولفتت إلى أن نتائج ذلك المختبر قد أشارت إلى أن هناك سيناريوهات متفائلة بشأن انتشار التكنولوجيا، لتكون متاحة للجميع بسعر منخفض مستقبلا، مع توافر للبيانات والمعلومات بشكل أيسر، وتيسير الوصول إلى الخدمات الطبية والحكومية والبحثية والتعليمية وغيرها، وذلك فى مقابل سيناريو متشائم يشير إلى المخاوف من احتمالات عدم العدالة فى الوصول للتكنولوجيا الحديثة خاصة لدى الدول الفقيرة، بجانب المخاطر التى تتعلق باضمحلال الهوية وانتشار الأمراض النفسية وحالات الانتحار.
كما لفتت الدكتورة مروة زين، المشرف على الإدارة العامة للبحث والتطوير بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أهمية التعامل مع الموضوعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعى من منظور التشريعات بمفهومها العالمى، فى ظل اعتمادها على أدوات تتخطى الحدود الوطنية، وهو ما يشير إلى ضرورة وجود تعامل دولى مختلف فى ذلك الإطار، بجانب تنظيم أطر حماية حقوق الملكية الفكرية من التداعيات السلبية للذكاء الاصطناعى.
وبينما أكد الدكتور محمد مصباح، أستاذ البحث الجنائى بأكاديمية العلوم الشرطية بإمارة الشارقة، أن التحديات الأمنية المتعلقة بانتشار ثورات الذكاء الاصطناعى تعد من أخطر الموضوعات المطروحة حاليا، ذكر الدكتور محمد السعيد، أستاذ البحث الجنائى بالأكاديمية، أن المسؤولية الجنائية أصبحت بمثابة الشغل الشاغل فى مجالات دراسة تأثيرات الذكاء الاصطناعى.
وفيما تطرق المقدم عبيد محمد بالرشيد، مدير إدارة الخدمات المساندة بأكاديمية العلوم الشرطية بإمارة الشارقة، إلى التساؤلات حول مستقبل مجالات “تعلم الآلة” ومدى إمكانية تفوقها على الذكاء البشرى، أكد الدكتور محمد فوزى، أستاذ البحث الجنائى بالأكاديمية، أن العالم يتجه نحو عصر الذكاء الاصطناعى الذى يقوم بكافة أعمال البشر، وهو ما يشير إلى نوعية التحديات المستقبلية فى ذلك الإطار.
وقال الدكتور عمرو العراقى، نائب رئيس محور التواصل المجتمعى بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن العالم يعيش الآن عصر الآلة التى تفكر وتتوقع وتحسب معدل الخطأ، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأفكار التى يمكن من خلالها الاستفادة من الجوانب الإيجابية للذكاء الاصطناعى، فى دعم مجالات الصناعة وغيرها.
كما أكد المهندس أسامة الفيومى، رئيس محور تكنولوجيا الحاسبات والاتصالات بالمركز، أن زيادة انتشار التطبيقات الحديثة للذكاء الاصطناعى تفرض ضرورة العمل فى مجالات حماية الملكية الفكرية، مع تكثيف العمل لضخ الإنتاج الفكرى باللغة العربية للتواجد بشكل فعال على تلك المنصات، مع وضع الأطر القانونية المنظمة لذلك.