آماكن زمانمصر زمان

القهاوي.. قصص وحكايات لا تنتهى

ترويها لكم: حبيبة نصار

بدأ تاريخ المقاهي في مصر أواخر عصر المماليك ومع دخول “البن ” إلى مصر الذي عرف بعد ذلك بمشروب القهوة الذى عارض وجوده فى البداية رجال الدين وكانت المقاهى في أول عهدها بعيدا عن الأحياء السكنية وبعد فترة لم يقتصر المقهي على تقديم القوة فقط وقدمت إلى روادها بجانب القهوة والشاي والحلبة والترجيلة الشيشة.

مع قيام النهضة الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر أصبح للمقهي دورها الاجتماعي والاقتصادي وبعد رواج تجارة القطن في مصر كانت المقهى ملتقى التجار ومكانا لعقد الصفقات وأطلق عليها اسم البورصة وعندما جمعت رجال الفكر والأدب سميت بالحاوى.

كان قد منع الدخان أول الأمر فى بر مصر وهدد بإعدام من يشربه ثم خفف هذا الحكم بعد أن أكتفى شاه عباس الحاكم بخوزقة شاربى القهوة والدخان وانتهى الأمر بأن أدمن هو نفسه الدخان … والقهوة مكان فسيح مفتوح الأبواب من سماته وجود ما يعرف بالنصبة وهى جزء مرتفع عن الأرض توضع عليه لوازم المشاريب كالكنك والأكواب والشيش والحجر والسناقر وهو غلاية المياه والأباريق والبكرج وهو شئ شبيه بالبراد الكبير إلى جانب الكراسى والترابيزات ووسائل التسلية والضجيج.

كانت القهاوى فى الأصل مكانا للقاء الصحبة خارج البيوت لأن بيوت الشرق عموما لها خصوصيتها وحرمتها ثم تطور الأمر فأصبحت مكانا للتسلية والمسامرات والمناسبات ومن ثم واجهت القهوة كمان ما واجهته كمشروب حيث اعتبرت ألعاب التسلية بالقهوة كالنرد والشطرنج من المحرمات فضلا عن الدومينو والطاولة والكوتشينة فيما بعد التى ارتبطت فى الأذهان بلعب القمار والرهان والحظ.

يرتبط المصريين بذكريات كثيرة مع المقاهي المنتشرة فى شوارع وميادين المحروسة يستلهمون حكاويهم من جلساتها المتعددة وتتنوع ثقافتهم باختلاف مرتاديها لها طابعها المختلف وتاريخها الخاص فهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية هامة فى تاريخ البلد بخاصة في التاريخ الحديث ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر وأصبحت جزءا ومكانا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني.

للمقاهي عالم كبير وواسع فتتعدد أنواعها فكانت ما بين مقاهي “بلدي وأفرنجي و حرفي” كما توجد المقاهي النوبية وهي تمثل وكالات أنباء للنوبيين في القاهرة يتداولون فيها أخبارهم وأخبار عائلاتهم ولم يكن مباحا في الماضي جلوس النساء في القهاوي حتى بعد ظهور الحركة النسائية في مصر.

حتي في العالم الديني كان للمشايخ وطلبة الأزهر مقاهيهم في حي الحسين وأشهرها قهوة شعبان وكان من زبائنها المطرب محمد الكحلاوي بينما كان للمجاذيب والصعاليك وأرباب الطرق الصوفية اماكنهم الخاصه وكان من أشهرهم على نيابة الذي تقمصته شخصية ضابط في جيش محمد على باشا فكان يرتدى الملابس العسكرية ويضع فوق رأسه طربوشا له زر طويل ويزين صدره بأنواع شتى من النياشين الفالصو وسدادات زجاجات المرطبات وكان يكحل عينيه ويمسك سيفا من الصفيح وهو يقدم عروضه العسكرية ونداءاته الحماسية المبهمة.

وكان هناك أيضا مقاهي خاصه لرواد الفكر والابداع ومنها مقهى البوستة التي كان يرتادها جمال الدين الأفغاني ومقهى اللواء المكان المفضل لشاعر النيل حافظ إبراهيم ومتاتيا قبلة الفن المصري وفي مقدمتهم نجيب الريحاني والأديب العالمي نجيب محفوظ و قهوة الفيشاوي التي يرتادها بعض السياح.

وأي كان الرأي تظل المقاهي بمثابة مسرح مفتوح يعكس الكثير من معالم الحياة اليومية المصرية التي تعلو فيه الأصوات متداخلة مع حركة الباعة المتجولين الذين يعرضون مختلف البضائع الخفيفة كالسبح ومراوح اليد بل وحتى بضائع ثقيلة منها سجاجيد ومرايا وكتب.






زر الذهاب إلى الأعلى