ثقافة وابداع

فسيفساء الروح (نص إبداعي)

بقلم : وداد أبو شنب

أيّا كان معبر الرّوح الذي نفذت إليّ منه، فإنّ استقطابك لحواسي ليس مسعى شرعيا لك، ليس ذلك الحقّ الذي تنشده منذ ألف فرسخٍ زمني من ذلك البعد الذي احتجزَنا ذات غيبوبة، أن تحيا حياة، أو شبه حياة تجسِّد فيها آمالك الماضية، فيخيب ظنّك عند أولى العتبات التي تحدّد عمرّك ومسراه ومثواه! ثم تعود لتبحث عن طيف طالما راودك يقظة قبل الحلم. تجدني، ثم تدرك أنّني لم أكن أنا، فأضيع في غياهب ذكرياتك المترامية على اتساع بوهيميتك التي أضلّت نجمتها الرّاشدة، وتغفو على وهم كنت أنا آخر خيط تراخى فيه ليخطئ إغلاق الحبكة!! فتعود من جديد تبحث عنّي وكلك أمل يتبدّد، تجدني وأضيع بين فيافيك، فتبحث عنّي مجدّدا!! أرأيت؟ تلك هي الدّوامة التي لن تنجو منها، مادام قلق الوجود يسكنك، فأنا لست تلك التي تتراءى لك!! وقد أكون أنا ولست لك!! علاقاتنا أشبه بلعبة الإحلال والإزاحة، إن كانت الاستراتيجية مقصودة أو لا! أن تضيِّع إحداهن في بعد ما من حياتك الافتراضية، وتبحث عنها في ملامحي، كم أشبه كلّ النساء، وكم أختلف عنهن!! لست هي!! علاقة تبحث عنها، وتجاهد في وضع إسقاطات مضنية، تجعلك ترى الكمال في شخصي، وأنا لست كاملة!! وأنت تتّخذ مني إطارا تصبّ فيه كلّ الصّور التي تشتهي أن أكونَها لك، وأنا لستها!! تلك العلاقات، مع كل حلاوتها وانسيابها في مبتدأ الأمر، سامّة وخطيرة، تجعلك تبني آمالا على متن غيم لا يلبث أن ينهار مع أوّل شتاء عارم!! فتتبدّد الرّؤى وتهلك الأرواح! تلك الأرواح الفارغة من كلّ شيء إلا من الألم ..! أغضض الطّرف قليلا، ولا تحللْ قادما محلّ غائب، فلكلٍّ حيزه الرّوحي، والوعد يتجدّد/ يتسع مادام في العمر بقية!!

زر الذهاب إلى الأعلى