كتاب «حكايات بعد العشاء» للكاتب والمسرحي الإنجليزي جيروم كلابكا جيروم، عنوان أحدث ترجمات المترجمة سماح ممدوح، والصادر حديثا عن مؤسسة شمس للنشر.
يضم الكتاب مجموعة قصص قصيرة نُشرَت عام 1891، تُقدِّم مُحاكاة ساخرة لقصص الأشباح في العهد الفكتوري، خاصةً تلك التي كتبها مؤلفون مثل «تشارلز ديكنز»، فالإطار السردي للمجموعة يعكس مُحاكاة مستمدة من مجموعة كتبها ديكنز عن الخوارق.
ويضم كتاب «حكايات بعد العشاء» ثمانِ قصص، عبارة عن حكايات عن الأشباح تُروى بعد العَشاء على لسان مجموعة من الأصدقاء الذين اجتمعوا للاحتفال بعيد الميلاد. ورغم أن القصص يحكيها أشخاص مختلفون، إلا أن راويها هو شخصٌ واحد.
ويمكن القول إن الهدف الأساسي والتركيز الأهم للقصص هو الهجاء، من خلال تصميم الراوي الساخر على الإلتزام العام بقصص الأشباح المرتبطة بشدة بتعاليم عقيدته الأرثوذكسية؛ في مجال السلوك الاجتماعي.
وفي هذا يُشبه الراوي تمامًا شخصية “السيد بوتر”؛ الشخصية المحورية في كتاب “مذكرات لا أحد” لـ”جروسميث”، ويتجلى هذا التشابه في محاولة التوافُق بين ما يراه من الأشكال التقليدية للسلوكيات؛ ونقد هذه السلوكيات بحس الدعابة. وهذا من أهم سمات الكتابة عند جيروم.
ومما جاء في مقدمة مجموعة «حكايات بعد العشاء»، لـ”جيروم كلابكا جيروم وترجمة سماح ممدوح نقرأ: “إنها عشية عيد الميلاد.
ــ إنها عشية عيد الميلاد
بالتأكيد، وللعلم فقط؛ لم يكن ضروريًا على الإطلاق ذِكر التاريخ، فالقارئ المُتمرِّس سيعرف دون أن أُخبره بذلك، فطالما هناك قصص أشباح؛ إذًا فهي عشية عيد الميلاد.
إنها عشية عيد الأشباح، وليلة احتفالهم السنوي، فالجميع يحكون قصص الأشباح في ليلة عيد الميلاد، فحريّ بالمرء أن يُفكِّر في أن الأشباح تخرج وتتجول في ليلة العيد ليعرضوا ـ هُم أو هنَّ ـ أكفانَهم البيضاء المدفونين بها، وكمثل الأحياء؛ ينتقدون ملابس بعضهم البعض، ويسخرون من بشرة بعضهم الشاحبة.
أُخمِّن أنهم يُسمون ذلك «موكب عيد الميلاد»، وبالنسبة لهم أظن أنها وظيفة مهمة يستعدون لها بكل شغف ويتطلعون إليها في كل أنحاء أرض الأشباح، خاصةً أشباح هؤلاء المولعين بالتباهي، مثل البارونات المقتولات، والكونتيسات الملطخات بجرائم القتل، والإيرالات اللواتي جِئنَّ مع الفاتح المنتصر وأُغتيل أقاربهن ومِتنَّ وهُن تهذين بجنون.
يمكن للأحياء أن يجزموا أن الأشباح في تلك الليلة يمارسون الأنَّات الجوفاء والابتسامات الشيطانية. أيضًا، يمكن أن يكون هؤلاء تدربوا لأسابيع مضت على الصرخات التي تُجمِّد الدماء في العروق، والإيماءات التي تُجمِّد النخاع… سلاسلَ صدِئة، وخناجرهم الدموية المشحوذة في حالة استعداد للعمل… أغطية وأكفان حُفِظتْ بعناية من عرض العام الماضي؛ تم إنزالها ونفضها وإصلاحها، ثم نُثِرتْ في الهواء.
إنها ليلة أشباح مثيرة؛ ليلةُ الرابع والعشرين من ديسمبر. من الممكن ألا تظهر الأشباح في ليلة الكريسماس نفسها، فنحن نُضفي إثارةً أكبر على ليلة الميلاد، وربما هي ليست كذلك بالنسبة لهم، فهم لم يعتادوا تلك الإثارة.
ولا يقتصر الأمر فقط على تواجد وتجُول الأشباح بأنفسهم في هذه الليلة، بل أن الأحياء أيضًا لا يكفُّون عن استحضارهم بالتحدُث عنهم طوال ليالي الكريسماس، فما إن يجتمع خمسة أو ستة أشخاص حول مدفأة ليلة عيد الميلاد حتى يبدأوا ليلة طويلة من الحكي عن الأشباح، فلا شيء يُسعد الأحياء في هذه الليلة أكثر من سرد قصة أشباح حقيقية. إنه موسم احتفالي لطيف، تُلهمنا فيه القبور والموتى والدم والجُثث وجرائم القتل