جمال عبد الناصر يكتب: ظاهرة “ويجز” تستحق الدراسة والتأمل
بوابة “مصر الآن” | متابعات
هل الساحة الغنائية والموسيقية تشبعت من الشكل التقليدي للغناء سواء الطربي أو الشعبي ليجتاح نوعان جديدان من الغناء والموسيقي هما: “التراب والمهرجانات: يكتسحان وينتشران ويستمران ويسيطران على الساحة؟ سؤال يستحق الدراسة من الجميع ومن العاملين في الحقل الموسيقي والغنائي، وبالأخص ظاهرة واضحة وضوح الشمس اسمها “ويجز”، فالظاهرة اصطلاحًا تدل على أمر غير مألوف، أكان إبداعيًا أو مفاجئًا، والظواهر مرتبطة بالحياة كسلوك اجتماعي أو متغيرات طبيعية، والظاهرة الفنية مرتبطة بالإنسان، أكان مجموعة أو أفرادًا، فقد رسخ في أذهاننا أن الظاهرة الفنية بالمجمل هي إيجابية، وهذا غير صحيح؛ إذ ثمة ظواهر سلبية، ولكنها ليست محور حديثنا إلا أن بعض ملامحها خلف السطور وبين الكلمات.
ويجز بمفرده ظاهرة تستحق الدراسة فهذا الشاب أصبح له مريدين وجمهور بالملايين، وأصبحت حفلاته تحقق نسب حضور لا يقدر علي تحقيقها كبار نجوم الطرب على الساحة، فحفلته الأخيرة حققت نسبة حضور وصلت لـ50 ألف شخص وأكثر، وأسعار التذاكر ليست مخفضة كما يعتقد البعض لكنها تتجاوز الألف والألفين جنيه.
ظاهرة “ويجز” ورفاقه ومن يقلدونه في رأيي الشخصي ظهرت في الوسط الغنائي بعد عام 2011، فقد كانت الأرض خصبة لظهور أغاني المهرجانات وبعدها الراب والتراب وهو تقليد لشكل الراب المعروف وليس به إضافة، وهو فقط عبارة عن هجاء ولكن مع اختلاف الجمهور.
أعود مرة أخرى للحديث عما يسمى بالظاهرة الفنية، فهي إما ظاهرة مرتبطة بالزمن، ولا يمكننا تصنيفها كظاهرة إلا بعد مُضي هذا الزمن أو هذه الفترة من التاريخ؛ لنأتي نحن المهتمون والنقاد بالشأن الفني لننقب بالتاريخ الفني، ونحلل تغيراته، فنكتشف أن ثمة ظاهرة فنية كانت موسيقية أو غنائية أو حتى سينمائية ظهرت فى مرحلة ما.
نوع آخر من الظواهر الفنية ينطبق على ويجز وهو أنه كفنان ظاهرة بذاته، وهنا نجد ويجز في هذا النوع من الظواهر، بما صنعه من نوع موسيقى وغنائى لم يكن موجود في المنطقة العربية، ربما يكون نهله من تجارب غربية لكنه طوره وطوعه ليأخذ الصبغة المصرية العربية، وأصبح له جمهور عريض.
نتفق أو نختلف مع ما يقدمه “ويجز” من أغاني أحيانًا تكون الموسيقي والريتم اللحني هي سبب النجاح وليس الكلمات التي غاليًا ليس لها معني وننجذب إليها فقط للسجع والكلمات المتراصة التي تنتهي بسجع موحد، وكمثال لما يقدمه ويجز في أغنية “كيفي كده”.
باجي وفي إيدي الرضعة عشان أغذي النونة
في الحرب دي أنا على وضعي مجيتش راجي في هدنة
عامل ليه فزلوكة مابل راب بفلو الشكشوكة
أجيب أوتو جن وأسيب سكسوكة
وأعامل الدنيا كما تقول سوكا
السجع هنا هو سيد الموقف ولا تبحث عن معاني للكلمات سوى أنه كل كلمة تعطيك معني بذاته ولكن الكلمات مجمعة هي عبث، مثلها مثل الحوار في مسرحيات العبث، رغم أن الحوار في مسرحيات العبث أحيانًا يكون له معني.
جمهور هذا الأيام يبحث عن الرتم الراقص والإيقاع الذي يدفعه للتحرر ولا يهتم بكلمات سوى الغريب على مسامعه أو الكلمات المتداولة التي ترص بجوار بعضها دون معني شامل، فلا طاقة للجيل الجديد على سماع الطرب الأصيل بما يحمله من كلمات مفهومة ومقامات معروفة، جيل يبحث عن ويجز وعن رفاقه وما يقدموه، ولذلك فإن ظاهرة ويجز تستحق الدراسة والتأمل من خبراء الموسيقى والغناء وأساتذة النقد وعلماء الاجتماع والنفس لمعرفة سيكولوجية جمهور هذه الأيام وتحليل سبب إقباله علي ويجز وجيل ويجز.