مدندناً لحنه القديم في زاوية الغرفة ..
ينفثُ دخان سيجارته في العدم، يرفع رأسه بعينين فارغتين إلا من ذكرى حبيبته، ينظر في الفراغ ويضيع في الزمن .
يجترُ مذاق ذكريات لقائهما الأول ..
كيف وقف مشدوهاً حين إلتقى عينيها صدفة في الصباح، فتوقف قلبه، وكيف توقف الزمن في المساء أمام ابتسامتها، و كيف سارت عقارب الساعة عكس مدارها حين حان وقت الوداع.
أغمض عيناه كأنما يعانق ذكرى لحظاتهما المحمومة بالحنينِ والأشواق ، أغلق عليها قلبه، إنهمرت دموعه، إرتجفت روحه، مد يده للهواء يتلمس طيف خيالها حين مر بدلالٍ فوق جبينه، تنهد شوقاً لها فانتابت الكون قشعريرة وإرتعشت السماء .
إحترق الكون بين يديه، إستفاق على إحتراق سيجارته بين إصبعيه،
نفث آخر نفساً من دخانه وأمسك قلمه بأصابع محترقة ليسكب حنين روحها التى تسكنه بين سطور قصيدته الجديدة !تلفنى ذكرى قاتمة ..
تحاصرني أوجاعي..
يترقبني الخذلان في صمتٍ مريب
أحترق..
كقطعة بلورٍ أتفتت شيئاً فشيئٍ..
كورقة شجرٍ أتناثر..
أتلاشى كأنى لم أكن يوماً هاهنا..
يفقدنى الطريق القديم..
ينساني بيتي..
وينكرني المقهي..
وفنجان قهوتي..
لاشئ..
لا شئ يَذكرنى..
سوى حرفٍ قديم على قارعةِ قصيدة..
يروي عني فيرصدني شعاع ضوء قمري..
يخطفني لحناً قديمًا منبعث من كمانٍ مقطوع الأوتار ..
يعانقه عازف مبتور الأصابع والأحلام ..
أتراقصُ على عزفهِ حافية الأعصاب..
أتجرد من أوجاعى..
أمر كسحابة في ألحانه
أتساقط كما المطر ..
أنهمر فوق جبينه..
يبكى..
أبكى..
تنبتُ بين يدي أصابعه..
يمد يده..
تلملمني أصابعه قطرة قطرة..
تجمع فتاتى..
ترممنى ..
يقاسمنى روحه..
ويعزف على ٱوتاري..
يهمس مبتسماً ها قد صرنا لحناً مكتمل الحياة..
ح يــــــــاة