«الحُكشة» من المحلية إلى العالمية.. كيف انتقل «هوكي الفراعنة» إلى بلاد الإنجليز؟
على الهوارى
في عصر الألعاب الإلكترونية وزمن الواقع الافتراضي والتواصل الاجتماعي، أضحت تلك الألعاب التراثية في خبر كان، تُداعب خيال كبار السن وتأخذهم في نوبة حنين للماضي البعيد، فيما لا تعلم الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب شيئًا عنها.. “بوابة الأهرام” تُعيد تاريخ تلك الألعاب، تنفض عنها غبار الذكريات، وتحاول تسليط الضوء عليها حتى لا تسقط سهوًا من صفحات تاريخنا الشعبي.
وحتى لا ننسى.. ربما لا يعلم الكثير منا أن ألعابنا الريفية الشعبية التي تضرب بجذورها في تاريخ مصر، قد أخذت طريقها إلى ملاعب العالم لتجتذب ملايين المشجعين وتأتي لعبة «الحُكشة» على رأس تلك الألعاب.
إذا أخذنا أماكننا في آلة الزمن، وسافرنا بها لأكثر من ثلاثة آلاف وثمانمائة عام، حيث عصر الملك أمنمحات الثالث، حين بزغت حضارة مصر المشرقة خلال الدولة الوسطى، سنجد لعبة «الحُكشة» منقوشة على جدران مقابر بني حسن بالمنيا.
ومنذ ذلك الماضي البعيد، تعتبر هذه اللعبة من أكثر الألعاب الشعبية الريفية شيوعًا، حيث يلعبها الفلاحون في ساحات القرى بين المصاطب والمنادر وأجران القرى في الليالي المُقمرة، وخاصة خلال فصل الشتاء، حيث تساعد على التدفئة؛ نظرًا لما تتطلبه من حركة مستمرة.
ولهذة اللعبة أسماء متعددة، حيث يسمونها في قرى الوجه البحري لعبة “العُكش” أو “البوّ”، أما في القاهرة والوجه القبلي فيسمونها لعبة “الحُكشة”.
«الحُكشة» من المحلية إلى العالمية
عندما شاهد الإنجليز لعبة “الحُكشة” في مصر لأول مرة منذ أكثر من قرن، أعجبتهم هذه الرياضة الشعبية فنقلوها إلى بلادهم وعملوا على ترقيتها من حيث الأدوات والتنظيم، ومارسوها تحت اسم “الهكشة”؛ لصعوبة نطق حرف الحاء الذي أبدلوه بحرف حلقي آخر هو الهاء، واختصروا اسم الهكشة إلى “الهوكي”، ثم طوروا اللعبة لرياضة مُنظمة ذات قوانين، فحددوا عدد اللاعبين، ووضعوا مواصفات خاصة للعصا من حيث الطول والوزن والحجم، وأجازوا دحرجة الكرة والضربات القصيرة والتمرير، ونشوها في العالم، وجعلوا منها أنماطًا كثيرة للعب، كهوكي الميدان، وهوكي الجليد، وهوكي الشاطئ وغيرها.
ضوابط لعب «الحُكشة»
للحُكشة المصرية ضوابطها الخاصة من حيث الملعب، والأدوات واللاعبين، وطريقة اللعب، يمكن تحديدها في الآتي:
ـ الملعب: أي مكان فسيح من الأرض، يحدد من كل جانب من خلال رسم خط، وفي الغالب تكو أرض الملعب مُمهدة ومُسطحة يبلغ طولها من ٤٥ إلى ٥٠ متراً ، والعرض من ٢٥ إلى ٣٠ مترا، ويخطط الملعب بالجير.
منطقة الهدف : تتسع منطقة الهدف لثلاثة أمتار بارتفاع ١٨٠ سم، وسمك العارضة والقائم من 3 إلى ٥ بوصات.
ـ الأدوات: عبارة عن كرة مصنوعة من الليف المجدول، محشوة ومبطنة بالجلد، القطر، ويصل وزنها إلى 300 جرام، ومضارب عبارة عن عصي من جريد النخل الذي يتم تسويته وتهذيبه بالسكين أو عصا عريضة من أشجار السنط، وتُسمى هذه العصا بـ “الحكماش”، كالمضرب المصنوع من الأجزاء العريضة السفلية لجريدة النخيل، والتي تُعرف بالقحف، حيث تُزال الأشواك التي على الجانبين وتُجفف في الشمس، ولا يقل طولها عن المتر ولا تزيد عن ١٣٠ سم.