«اصطبحنا واصطبح الملك للمالك» «أنا اصطبحت بوش مين النهاردة» .. جمل مصرية أصيلة بنقولها لما يحصل لنا حاجة مش لطيفة فى بداية اليوم ..
على رأى اللى قال «الاصطباحة» تعبير مصري صميم .. ومعناه إيه أول حاجة هتعملها فى بداية اليوم .
“سلو بلدنا ” أن الإصطباحة بتبدأ مع الخيوط الأولى لشمس الصباح ، مع زقزقة الطيور … والتلاميذ لسه صاحية وبتستعد علشان تروح المدرسة .. والعمال نازلين مصانعهم والموظفين رايحين الشغل .
مافيش بيت مصرى ماعملش “الإصطباحة ” بداية من صوت إذاعة البرنامج العام اللى بتبث قرآن السادسة صباحا وبعده أغنية «صبح الصباح يا فتاح يا عليم والجيب مافهش ولا مليم» .. ولحد الفطار أو الحاجة اللى هتشربها وتفوقك .
“الإصطباحة” بتختلف من طايفة لطايقة تانية ، ومن العمال لربات البيوت ومن التجار، للموظفين، وبتختلف كمان من طبقة لطبقة .. يعنى اصطباحة الطبقة المتوسطة غير اصطباحة اولاد الذوات والاغنياء ..طب ازاى؟
أنا اقول لك
تخيل معايا كدا انك الصبح بدرى داخل شارع مصرى فى منطقة شعبية .. أول حاجة هتشوفها ناس بترش مايه قدام محلاتهم .. وده علشان المايه بتجلب الرزق … وأول جملة هتسمعها هى نهارك بيضحك .. وهتلاقى واحد تانى بيرد صباحك زى الورد .. ويخرج تالت يقول : نهاركم أبيض ان شاء الله ، وهتلاقى قهوجى بيحط كوباية شاى قدام زبون وبيقول أحلى اصطباحة لأحلى ناس نهاركم زى اللبن الحليب.
“الإصطباحة” فعلا أساسية فى حياة المصريين .. حتى لو اتغيرت من ناس لناس .. طبق الفول والسلطة الخضراء وتحبس بشاى مغلى .. واللى جنبك بياخد بقسمطاية مع كوباية شاى بحليب منه فيه .. وعلى بعد خطوات كافيه شيك وناس رايقة بتصطبح بنسكافيه أو فنجان قهوة فرنساوى مع كرواسو وبتقرا فى جورنال أخبار الصباح .. وفى النادى واحد بيمارس رياضة الجرى قبل ما ياخد شاور ويروح على شغله .. والعمال فى النادى ملمومين حوالين صينية عليها طعمية وفول وبصل أخضر .. اما الموظفين فقبل ما يشتغلوا هتلاقي السندوتشات طلعت .. اللى بياكل جبنة رومى فى فينو .. واللى شارى ساندوتشات فول من على عربية فى الشارع بيفضل الأكل بتاعها .
الكل بقا لو ماعملش الإصطباحة بيفضل طول اليوم معكنن وعصبى وحاسس انه ناقصة حاجة . .ولو سألته يقول لك “مزاجى” مش حلو النهاردة.
وطبعا من أبجديات “الاصطباحة اليومية”.. تولع عود بخور .. أو تلاقى واحد دى شغلته .. شايل مبخرة وبيلف على المحلات يبخرها علشان الرزق .. وصاحب المحل يدفع له اللى فيه القسمة او “النفحة” زى مابيسموها أصحاب المحلات .
“الإصطباحة” كمان غنى لها كتير من مطربينا من سيد درويش ، إلى أم كلثوم ، ومن محمد قنديل إلى فيروز .. وطبعا أغنية أم كلثوم فضلت هى الأشهر «يا صباح الخير يا اللى معانا»، ومش ممكن ننسى أغنية محمد قنديل: يا حلو صبح.. يا حلو طل.
وزى ما الإصطباحة بتختلف من طبقة لطبقة بتختلف كمان من مكان لمكان .. وأشهر اصطباحة هى اصطباحة الدمايطة والبورسعيدية .. ودول من زمان عندهم وجبة إفطار لذيذة ومتنوعة .. وهى عبارة عن شوب حليب كامل الدسم وبراد شاى .. مع قطعة جبن أبيض اسطنبولى معتبرة ريحتها تسحب الأكيل من أمتار .. يعنى «جبنة مبطرخة» مع خمس حبات من الزيتون الأسود – اليونانى – الشهير غرقانة فى زيت الزيتون .. ومعاهم نص رغيف فينو «الباجيت» الشهير ، اللى دخله الطلاينة بلادنا زمان .. و طول الرغيف ده بيزيد على 30 سنتيمتراً !! أبيض، ومحمص .
مش بس كدا .. صينية الاصطباحة لازم يبقى عليها قطعة هريسة دمياطى معتبرة تملا الكف عليها مكسرات بندق وجوز الهند .. وجنبها قطعتين بقلاوة دمايطى .. وطبعا وبعد الأكلة الجامدة دى لازم اللى بيصطبح «يختم» أو يحبس بكوباية شاى من البراد الصاج ومعاها سيجارة … وبعدين يبدأ يشوف شغله
الإصطباحة الدسمة دى كانت هى الأصل فى دمياط وبورسعيد والكل بيبدأ بيها مافيش فرق بين غنى وفقير العامل فى ورشة النجارة أو مصنع الأحذية زى مالك الورشة .. زى صاحب المحل وصاحب المصنع .. مافيش حد بياكل حاجة مختلفة عن التانى.
من الأخر وعلى رأى اللى قال “الإصطباحة” طقس مصرى أصيل .. ورغم أن كل واحد وكل مكان له اصطباحته .. إلا أن الكل بيجمع على أنه من غير الإصطباحة يومه بيبقى صعب ومزاجه بيفضل متعكر.
