في غضون سنوات قليلة، باتت ليبيا واحدة من أكثر دول العالم تضررا من أثار التغير المناخي، فإزالة الغابات ونقص الغطاء النباتي، والزحف العمراني، كان سببا في زيادة خطورة التغيرِ المناخي على سكان هذا البلد.
وبحسب نتائج حديثة لبحث نشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن ليبيا إحدى أكثر دول العالم جفافا، ومشروع النهر الصناعي الذي يوفر معظم احتياجات ليبيا من المياه، يحصل على إمداداته من المياه الجوفية غير المتجددة، التي لا يمكن إعادة تغذيتها بالمطر، وبالتالي فإن التغير المناخي يعرض الملايين لخطر فقدان المياه الصالحة للشرب.
تعليقا على ما سبق، بدأت الدكتورة ياسمين الأحمر أستاذ الجيولوجيا بجامعة طرابلس في ليبيا، حديثها لـ«الوطن»، بالإشارة إلى أن ليبيا كغيرها من دول المنطقة والعالم تشهد العديد من مظاهر التغيرات المناخية وتتمثل أبرز أثار التغير المناخي في الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة، مع تكرار حدوث مواسم الجفاف وقلة معدلات الهطول للأمطار.
وتابعت الأحمر في حديثها عن التغير المناخي الذي أصاب دول العالم أجمع، ومنها ليبيا، بأنه شهدت الآونة الأخيرة حدوث فياضات في مناطق لم تكن معتادة عليها مثل تلك التي حدثت في منطقة «غات» في سنة 2019 وهي معروف عنها أنها منطقة صحراوية، أيضا برزت أثار التغير المناخي في انحسار المساحات الخضراء والغطاء النباتي والغابات، واختفاء بعض البحيرات الصحراوية وتقلص حجم العديد منها.
وعن تأثير انخفاض منسوب الأمطار في ليبيا على الزراعة والأمن الغذائي، قالت أستاذ الجيولوجيا بجامعة طرابلس، إنه على الرغم من أن سقوط الأمطار في ليبيا يقتصر على منطقة الشريط الساحلي، إلا أن أي انخفاض في معدلات الهطول سوف يؤثر على مساحة الزراعة المطيرة كما سيؤثر ذلك على كميات مياه الأمطار التي يتم حجزها في السدود حيث يوجد في ليبيا حوالي 16 سد موزعة على مختلف انحاء البلاد و يبلغ متوسط السعة التخزينية السنوية لهذه السدود حوالى 60 مليون متر مكعب في السنة، وفى النهاية سوف يؤثر ذلك على النشاط الزراعي ومن ثم على الأمن الغذائي في ليبيا، بحسب قولها.
وأوضحت «الأحمر» أن المناطق الأكثر تضررا بتلك التغيرات المناخية في ليبيا هو المناطق الساحلية، حيث تذبذب سقوط الأمطار وتداخل مياه البحر مع خزانات المياه الجوفية مما يؤدى إلى تدني نوعية المياه في تلك الخزانات.
وعن النهر الصناعي المصدر الأول لمياه الشرب في ليبيا، وكيفية تأثره بالمناخ، أوضحت أستاذ الجيولوجيا بجامعة طرابلس، أن النهر الصناعي يعتمد أساسا على المياه الجوفية في المناطق الجنوبية وأي عجز يحدث في الموارد المائية السطحية بالمناطق الساحلية يتطلب تعويضه عن طريق منظومة النهر الصناعي، كما أن الانخفاض في منسوب المياه الجوفية سوف يؤثر على كميات المياه التي ينتجها النهر.
واختتمت الأحمر ببعض التوصيات التي تحد من أثار التغيرات المناخية، أولها ضرورة الاهتمام بمشاريع المياه غير التقليدية مثل مشاريع تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي لتخفيف الضغط على الموارد المائية التقليدية، وإقامة بعض برامج التوعية والإرشاد للتعريف بظاهرة التغير المناخي، مع الاهتمام بمشروعات الطاقة البديلة وخاصة الطاقة الشمسية.