مصر زمان

حكاية« القلم الباكر» مع احمد رمزى ووزير المواصلات

على الهوارى

0:00

ولد أحمد رمزى فى 23 مارس عام 1930 بمحافظة الإسكندرية لأب مصرى يعمل طبيبا وأم اسكتلندية ، وكان شابا وسيما رياضيا لم يفلح فى كلية الطب مثل والده وشقيقه الاكبر، فالتحق وتخرج فى كلية التجارة.
ارتبط أحمد رمزى بعلاقة قوية بصديق عمره عمر الشريف منذ فترة الصبا والشباب، وكان لهذه العلاقة دور كبير فى عمل رمزى بالفن، حيث صدف ان كانا معا يلعبان البليارود بنادى القاهرة، وكان عمر الشريف قد بدأ مشواره الفنى، وأثناء تواجدهما معا دخل المخرج حلمي حليم للاتفاق مع الشريف على بطولة فيلم أيامنا الحلوة، وما أن شاهد رمزي حتى وجد فيه صفات الشاب الذى يصلح للعديد من الأدوار السينمائية وبالفعل أسند له دورا فى الفيلم مع صديقه عمر الشريف ومع الوجه الجديد وقتها عبدالحليم حافظ،، لتبدأ بعدها رحلة النجومية والتألق الفنى للولد الشقى”، الذي قدّم خلال الفترة من 1956 وحتى 1974 أكثر من 60 فيلمًا، وأصبح لفترة طويلة محل إعجاب الفتيات، وأيقونة للشباب والوسامة والشقاوة، ومن أعلى النجوم أجراً.
ووصل عدد الأفلام التى شارك فيها رمزي أكثر من 100 فيلم أدى فى معظمها أدوار الفتى والشاب حتى اعتزل لفترة طويلة منذ منتصف السبعينات، بعد أن ظهر جيل جديد من شباب الفن مثل محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمى وغيرهم وكان من أهم أفلامه :” أيامنا الحلوة، ابن حميدو، حواء والقرد، آخر شقاوة، ثرثرة فوق النيل، العنب المر، صراع فى الميناء، بنات اليوم وغيرها”
عاد الولد الشقى للشاشة بعدما أقنعته سيدة الشاشة فاتن حمامة بالعودة للتمثيل خلال سباعية “حكاية وراء كل باب”، ثم اختفى أحمد رمزي مرة ثانية وانشغل بالتجارة حتى عاد منتصف التسعينات ليشارك فى بعض الأعمال ومنها ” قط الصحراء” مع نيللي ويوسف منصور، وفيلم الوردة الحمراء مع يسرا وإيناس الدغيدى ، ومسلسل وجه القمر مع فاتن حمامة.
ورحل الولد الشقى عن عالمنا عن عمر ناهز 82 سنة، بسبب جلطة دماغية بعد سقوطه على الأرض نتيجة اختلال توازنه في حمام منزله بالساحل الشمالي فى 28 سبتمبر 2012.
لقد كان للشقاوة والمغامرات مكان كبير فى حياة أحمد رمزي منذ طفولته، ولكن هناك موقفاً غريباً ظل أحمد رمزي يتذكره طوال حياته ويحكيه كلما عاد بالذاكرة إلى مرحلة الطفولة، حيث قال أنه لا ينسى قصة القلم الباركر الذى أهدته له والدته ، حيث كان طالبا بالقسم الداخلى من كلية فيكتوريا بالإسكندرية، ويزور أسرته فى القاهرة بين حين وآخر، واتفقت معه والدته أن تمنحه هدية وجائزة قيمة إذا حصل على المركز الأول، وفرح رمزى بهذا الوعد واجتهد حتى يحصل على الهدية.
وذات مرة أرسلت والدته تقول أن شهادته وصلتها وأنها فرحت بتفوقه وأعدت له هدية فاخرة ستعطيها له عندما يأتى فى أول أجازة ، وفرح رمزى جدا وظل يعد الساعات حتى يصل لوالدته ويأخذ الهدية التى ظل يتخيل ماذا ستكون؟
وأشار رمزي إلى أن فرحته كانت عظيمة عندما وصل لمنزله ووجد أن الجائزة قلم باركر، موضحاً أن هذه الأقلام الفاخرة كانت حكراً على أبناء الوزراء والأمراء فى المدرسة، ولم يكن يحلم وهو ابن الطبيب أن يمتلك واحداً منها حتى تحقق الحلم بهدية والدته، وظل يشكر والدته عليها ويقبلها أكثر من أى مرة.
وفى أثناء رحلة العودة إلى المدرسة حيث كانت إدارتها تحجز للطلاب عربة خاصة للذهاب والعودة فى القطار وضع أحمد رمزى القلم فى جيبه مباهياً به وحتى يراه كل زملائه فى العربة، ثم أخرج كراسة وتظاهر بأنه يكتب ويرسم حتى يراه الجميع وهو يحمل القلم الباركر الفاخر.
ولكن فى محطة طنطا حدث مالم يكن فى حسبان أحمد رمزي ، حيث ظهر من شباك القطار عدد كبير من القرويين يسيرون معاً وهم يركبون على ظهور البقر والحمير والجاموس، وهو المشهد الذى جذب انتباه كل الطلبة فنظروا من شباك القطار ليتابعوه، وبالفعل انتفض أحمد رمزى ليرى المشهد وفجأة سقط القلم الباركر من جيبه ، فظل يصرح ويطلب من مشرف الرحلة أن ينزل من القطار حتى يلتقط القلم، ولكن كان القطار قد تحرك ، فأخرج أحمد ورقة بسرعة وكتب فيها رقم الكيلو الذى سقط فيه القلم، بعد أن شعر بأنه فقد كل شيئ.
ظل أحمد رمزى يطلب من المشرف فى هيستريا أن يتركه لينزل فى المحطة التالية ويعود وحده ليبحث عن قلمه الفاخر، وهو ما رفضه المشرف.
وما كاد أحمد رمزي يصل الإسكندرية حتى اتصل بوالدته تليفونياً وهو مذعور ليخبرها بما حدث وأعطاها رقم الكيلو الذى سقط فيه القلم، وطلب منها أن تتصل بوزير المواصلات وقتها والذى كانت تربطه صلة قرابة بعائلة والد رمزي، وأن تطلب منه أن يوقف أول قطار يسافر إلى الاسكندرية على هذا الكيلو يبحث السائق عن القلم ويحضره له.
وقد انتشرت حكاية وزير المواصلات الذى سيبحث عن قلم الطالب أحمد رمزى فى كل المدرسة وأخذ الطلاب يتندرون بها، ولكن رمزي كان يؤمن بأنه سيعثر على القلم، حتى فوجئ بطرد يصله بعد أيام قليلة وبه القلم الباركر، ورسالة من والدته تقول له فيها أن وزير المواصلات عثر على القلم المفقود، ولم يصدق رمزي نفسه من الفرحة، وسرى الخبر فى المدرسة كلها، ومشى أحمد بين زملائه مختالاً فخوراً بقلمه الذى بحث عنه وعثر عليه وزير المواصلات بنفسه.
وبعد ثلاثة أعوام وعندما كبر أحمد رمزي عرف القصة الحقيقية، حيث اخبرته والدته بأنها اشترت له قلماً أخر غير القلم المفقود حتى لا يحزن، وقالت أنه من غير المعقول أن يترك وزير المواصلات مشاغله كى يبحث عن قلم طالب، حتى وإن كان هذا القلم باركر فاخر.

زر الذهاب إلى الأعلى