تواجه ألعابنا الريفية والشعبية المصرية التي حفرت تاريخها الطويل بين أراضي الوادي والدلتا وأزقة وحارات المحروسة خطر الانقراض، ففي عصر الألعاب الإلكترونية وزمن الواقع الافتراضي والتواصل الاجتماعي، أضحت تلك الألعاب التراثية في خبر كان، تُداعب خيال كبار السن وتأخذهم في نوبة حنين للماضي البعيد، فيما لا تعلم الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب شيئًا عنها..
تعد لعبة “الثعلب فات” من أشهر الألعاب الجماعية التي تضرب بتاريخها الطويل في الريف المصري وبين حواري وأزقة القاهرة التاريخية.
لا يُمكن تاريخيًا تحديد عصر معين لظهور هذه اللعبة، لكن انتشارها على نطاق واسع بين الأطفال منذ بداية القرن العشرين يُظهر أنها ربما ظهرت خلال القرن التاسع عشر، وربما تملك تاريخًا ريفيًا تقوم على فكرة خوف الراعي أو مربي الطيور من هجمات الثعالب التي تهدد ثرواتهم ومصدر رزقهم.
لكن الواضح أن انتشار هذه اللعبة بشكل واسع في مصر، أدي لأن يتم تخليدها فنيا عبر مجموعة من الأغاني، أولها أغنية “جدو يا جدو” التي أداها الفنان حسين رياض، كان الفنان العملاق قد انتهى لتوه من دور “عم جادوليو” في فيلم شارع الفن إنتاج عام 1958م، لقد أقنع الجميع أنه موسيقارًا حقيقيًا عندما قاد الأوركسرت في أغنية “نعم يا حبيبي نعم”، وهنا كانت الفكرة لخوض تجربة غنائية رغم صوته القوي والأجش، لقد شدا بتلك الأغنية خلال برامج الأطفال في الإذاعة في بداية الستينيات، وهي من كلمات الشاعر محمد العجمي وألحان الموسيقار محمد ضياء الدين، أما الأغنية الثانية هي أغنية “الثعلب فات” التي أداها الفنان سمير غانم بشكل كوميدي خلال فوازير فطوطة عام 1982م.
لقد أوضح الفنان الكبير حسين رياض خلال أغنية “جدو يا جدو” بعض تاصيل”لعبة الثعلب فات” فيقول لأحفاده :”طيب خلاص.. اسكتوا خلاص .. حد يرسملي العلامات.. الأطفال: وهنديلك الإشارات، الجد: التعلب فات فات وف ديله سبع لفات، الأطفال: التعلب فات فات وف ديله سبع لفات”.
ومن يعود لهذه اللعبة الجماعية التاريخية يجدها تحتكم لقواعد خاصة، حيث يجتمع نحو 10 لاعبين، ويعقدون منديلاً ملفوفًا من الوسط يُطلق عليه “الطُرة”، وتجرى القُرعة لتحديد اللاعب الذي يقوم بدور “الثعلب”، وتُعطى له “الطُرة”.
يجلس باقي اللاعبين في دائرة متجهين لمركز هذه الدائرة، يبدأ اللعب بأن يجرى “الثعلب” حول اللاعبين خارج الدائرة، وهو يصيح “الثعلب” فيرد عليه باقي اللاعبين “فات فات”، فيقول “وفي ديله” فيردون عليه “سبع لفات” ويكررون ذلك، وأحيانًا يزيدون في تلك الأغنية لتكون:
