كلف الخديوي إسماعيل مسيو لشفيارى المسئول عن المزارع الخديوية والأميرية بتحويل بركة الأزبكية إلى حديقة ، فأمر بتكليف المهندس الفرنسي “باريل ديشان” المسئول عن حدائق باريس بتخطيط وإنشاء حديقة على مساحة 20 فدان محاطة بأسوار من الحديد وقام بجلب مجموعة من الأشجار النادرة من بلاد الهند وأوروبا وإفريقيا.
وبعد الانتهاء من تشجير الحديقة وتزيينها وإنارتها تم افتتاحها عام 1872 وتم تعيين مسيو “باريليه” الفرنسي ناظرا لها .
وعلى مقربة من الحديقة قام الخديوي إسماعيل بإنشاء المسرح الكوميدي “مبنى المطافي حاليا” ودار الأوبرا الملكية عام 1869 وقام بإنشاء مسرحا داخل الحديقة وقام بإعداده لاستقبال ضيوف قناة السويس
وظل مسرح حديقة الأزبكية على مدار خمسون عاما مقصدا للفرق المصرية والأوربية التي لم تجد أفضل من هذا المسرح لإقامة عروضها للأجانب المقيمين في مصر.
وفى عام 1917 قامت شركة ترقية التمثيل العربي بالاتفاق مع طلعت حرب باشا وعبد الله عكاشة بتأجير مسرح الأزبكية لمدة 50 عاما بإيجار سنوي قدره 12 جنيه.
وفى عام 1920 تم تجديد المسرح وتحويله إلى تياترو حديقة الأزبكية ،وقام بتصميمه وتنفيذه مدير عام المباني السلطانية المهندس “فيروتشى” الايطالي الجنسية.
وفى عام 1941 تم الاتفاق مع شركة مصر للتمثيل والسينما على ان تقدم الفرقة عروضها على مسرح حديقة الأزبكية وذلك بعد ضمها لوزارة المعارف والتي كانت تتبعها شركة مصر للتمثيل والسينما في نفس الوقت ، ومنذ بداية عهدها وضعت الفرقة القومية أسس المسرح الجاد الهادف والذي تولى قيادتها العديد من عمالقة فن المسرح فى مصر والذين قدموا مسرحيات عالمية وملاحم مصرية لا تقل عن مثيلتها الأوروبية من حيث المضمون والرقى.
مر على مبنى المسرح عدد من مراحل التطوير بدأت فى عام 1942 عندما قررت الفرقة القومية أن تشغيله وتم تعديل خشبة المسرح وتغيير الأثاث بالصالة وفرش الأرضية بالسجاد وإصلاح المداخل وفقا لما نشرته جريدة أخبار اليوم : 9-6-1951.
كما قامت كبار الفرق المسرحية في بداية القرن العشرين بتقديم عروضها داخل المسرح مثل فرقة رمسيس وفرقة أولاد عكاشة وغيرها من الفرق صاحبة الأسلوب المسرحي المتميز وفى عام 1958 تم تغيير اسم مسرح الأزبكية إلى المسرح القومي.
وفى عام 1950 قام عميد المسرح الفنان يوسف بك وهبي بافتتاح مسرح حديقة الأزبكية بعد تجديده ، وقد لاقى خبر الافتتاح رواجا كبيرا لدى المصريين الذين كانوا ينتظرون افتتاحه بفارغ الصبر.
ظل مسرح حديقة الأزبكية مثال إعجاب الأجانب قبل المصريين و أصبحت الحديقة ليست فقط متنزه ترفيهي و لكن مركزا ثقافيا كبيرا ، فبخلاف العروض المسرحية والموسيقية كانت مقصدا ثقافيا سياسيا لجميع الطبقات.