مصر زمان
أمير النور.. الحسن بن الهيثم.. سبق عصره بـ”سد أسوان”.. لماذا ادعى الجنون امام الحاكم بأمر الله
على الهوارى

0:00
رائد عصره بلا منازع وعبقري زمانه في علم البصريات وعلم الضوء والرياضيات والطب والفلسفة والكيمياء والفلك، لقب بألقاب عدة منها “بطليموس الثاني”،” أبو علم البصريات “، و”رائد علم الضوء” وأهم ألقابه وأشهرها قطعا هو “ابن الهيثم”.
ولد أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم البصري في الأول من يوليو عام 965 م- 354 هـ بمدينة البصرة في العراق، تلقى العلم فيها، ثم ارتحل إلى بغداد للاستزادة والتبحر بين مختلف فنون العلوم، برع في علم الهندسة وتولى منصب قاضي البصرة وبعد فترة اعتزل المنصب متجهًا نحو دراسة العلوم المتنوعة.
“لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملا يحصل به النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقص”.. وصلت عبارته تلك للخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله حاكم مصر، فطلب منه الحضور إليها والاستقرار فيها، بعمر تجاوز الستين عامًا وبخبرات جمة في علوم الهندسة فلما وصل أكرمه، وطلب منه تنفيذ ما قاله بخصوص النيل، فذهب ابن الهيثم إلى أسوان ومعه الصناع وعمال البناء ليستعين بهم على تنفيذ فكرته التي خطرت له قبل حوالي ١٠٠٠ سنة من تنفيذ المشروع فعليا في أسوان عام ١٩٠٢م، غير أنه لما عاين الموقع الذي اختاره لتنفيذ مشروعه وجد أن تنفيذه يكاد يكون مستحيلا، فبناء جسم على النيل في ذلك الوقت يفوق إمكانات عصره وفوق طاقة الصناع والعمال، فعاد خجلا إلى القاهرة، واعتذر للخليفة الحاكم الذي تظاهر بقبول عذره، وولاه أعمال الدواوين الحكومية، فقبل العمل مخافة منه، ومع خوفه من بطش الخليفة به.
أدعى ابن الهيثم الجنون والبله، فوضعه الخليفة قيد الإقامة الجبرية لمدة عشر سنوات من 1011 حتى 1021عكف خلالها على تأليف كتابه الأشهر والأعظم “المناظر” ذي السبعة مجلدات في علم البصريات حتى توفى الحاكم بأمر الله، فعاد ابن الهيثم إلى الظهور والاشتغال بالعلم، واستدعته شقيقة الخليفة “ست الملك” وعرضت عليه راتباً شهرياً وضمته إلى مجلس العلماء بدار العلم، لكنه اعتذر منها وعاد إلى تأليف الكتب ونسخها وبقى بالقاهرة حتى وافته المنية عام 430 هـ-1038 م، عن عمر 73 عام، حيث أحس بدنو أجله بعد أصابته بأمراض الشيخوخة فقام وتوضأ وتوجه للقبلة وصلى لربه صلاته الأخيرة، ثم جلس يقرأ سورة العنكبوت حتى وصل إلى قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) ثم فاضت روحه.