مقالات الرأى

وفاء بكري تكتب : فريد الأطرش ” مش كئيب”

0:00

48 عاما غاب فيها الموسيقار المبدع فريد الأطرش عن دنيانا، حيث رحل تحديدا يوم 26 ديسمبر عام 1974، فبعد غدٍ ” الاثنين” تحل ذكرى الفنان البديع، الذى لم تشفع له 48 عاما، وقبلها أكثر من 30 عاما، في تغيير “حكم” البعض عليه بأنه ” شخص كئيب”، قاربنا على نصف قرن تذاع فيها أعمال فريد المميزة، ما بين أفلام تتخللها أوبريتات منها الكثير ألحانا مبهجة و” لايت” بلغة “اليومين دول”، وأغانى “ظريفة” سواء له أو لغيره، ولكن لايزال البعض عند رأيه بأن صوت فريد وحياته ” كئيبة”، نسوا أنهم يشاهدون فيلم ” أنت حبيبى” ويطلقون ضحكاتهم من أول الفيلم لآخر مشهد فيه، مستمتعين بوجوده مع خفيفة الظل شادية، ونسوا أنهم يشاهدونه مع ملك الكوميديا إسماعيل يس في ” عفريتة هانم” و” آخر كدبة” و” لحن حبى” و” بلبل أفندى”، لن أدافع عن فريد الأطرش، فهو أكبر بكثير من أن يدافع عنه محبين ومغرمين بألحانه، بل وبشخصه الرقيق، فلقد خلط البعض بين الحياة الحزينة التي عاشها فريد وحديثه عنها، وألحان بعينها له، ليبتعدوا عن صوته، وهم يقولون ” احنا مش ناقصين”، هكذا هي حياتنا نبتعد عن الناس في لحظات حزنهم، وننسى أيام فرحهم، نريد أن نرى دائما الوجوه مبتسمة حتى لو داخلها حزن دفين، لا نهتم بما يعانوه في الحياة، لا نريد ” الطاقة السلبية” التي باتت ” الشماعة” للهروب من الأشخاص، وكأن هذا العالم خلق ليكون سعيدا دائما بلا أحزان أو هموم، بالفعل الحزن والهم يصيب بالكآبة، وقد يستمر فيها الشخص كالدائرة لا يستطيع الخروج منها، ولكن كما يقال ” المرء غنى بأخوانه”، وكما علمنا رسولنا الكريم :” كان الله في عون العبد، ما دام العبد في عون أخيه”، فدعم أي شخص في مأزق أو حزن والوقوف بجانبه، ستخرجه من الشدة و الضيق إلى الفرج، فأى شخص يريد أن يحتمى بالمقربين منه وهكذا كان فريد الأطرش، الذى احتمى بأصدقائه حتى يخرجونه من الحالة التي كان يعيش فيها، لم ينكر فريد الأطرش في أي حديث له أنه يعيش حالة دائمة من الحزن والشجن بسبب فقدانه لأعز أخوته الفنانة أسمهان في عز شبابهما، وبعدها والدته، وعدم اكتمال قصة حب في حياته، ولهذا حاول أن يعطى ” الحب والحنان” لكل من حوله، ليثبت أن ” فاقد الشئ” يعطيه أضعافا مضاعفة، كان فريد بشهادة الجميع ” كثير العطاء”، ولم يخذل صديقا له في أزمة، فكيف يحكم عليه البعض بأنه ” إنسان كئيب”؟ من حق فريد كـ” موسيقار” عظيم أن يعيد البعض الاستماع و الاستمتاع بأغانى مثل الربيع وأول همسة ويا قلبى يا مجروح وحكاية غرامى ونجوم الليل، فريد الوحيد الذى استعان بالله في أغانيه، فهو الذى قال :” يا قلبى يا مجروح .. اصبر على المقسوم.. باب السما مفتوح لدعوة المظلوم .. أيام تجرى بربيع عمرى .. وشكوى قلبى اليك يا ربى”، وهو الذى قال في ” نجوم الليل”:” يارب ايه العمل دى حكمتك .. يائس ومالى أمل غير رحمتك”، وهو الذى طالبنا برمى حمولنا على الله في ” خليها على الله “، وإذا كان البعض لا يتحمل شجن موسيقى فريد، فيمكن أن ينطلق في أفراحه ويستمع إلى :” يا دلع دلع” و” أكلك منين يا بطه” لصباح، و ” يا حلاوتك يا جمالك” لفايزة، و” ما يكونش ده اللى اسمه الهوى” لشادية، و ” ما اقدرش على كده” لفهد بلان، بل ويستمع إلى صوته هو نفسه وهو يضحك ويقول وكأنه يصف الحكم عليه :” ياما جوه الدولاب مظاليم”، لامسوا الجوانب المضيئة فيمن حولكم، حتى ولو عانوا من وطأة الأيام.. والأهم عندى أن فريد الأطرش بحزنه ” مش كئيب”.

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"