مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : عنصرية بغيضة

ليس غريبا أن تتعرض الملاعب الإسبانية لموجة عنصرية جديدة، فالعنصرية موجودة ولن تنتهي، ولكن أن يتمادى الجمهور من النيل من لاعب موهوب ويقود فريقه نحو الفوز ببطولات محلية وإقليمية، فهذا أمر غير مقبول. اللاعب الذي تعرض للعنصرية أخيرا في الملاعب الإسبانية هو نجم المنتخب البرازيلي وريال مدريد فينيسيوس جونيور، وهو الذي قاد الريال الملكي لحصد بطولة الدوري الأوروبي الماضي.

واقعة العنصرية ضد فينسيوس شهدها استاد ميستايا خلال مباراة فالنيسيا مع ريال مدريد التي خسرها الأخير، ولكن مع ذلك تعرض اللاعب البرازيلي لصيحات استهجان من جماهير فالنيسيا وهتفوا ” قرد..قرد”.

الإهانات التى تعرض فينسيوس لاقت استهجانا من اتحاد الكرة الإسباني والاتحاد الدولي (فيفا) والعالم أجمع، مع تصعيد اللاعب للأزمة باتهامه مسئولي الكرة والدولة الإسبانية برعاية هذا النهج وعدم التصدي له بجدية، ومطالبة الاتحاد الدولي
بالتدخل.
المشكلة أن حكم المباراة لم يتخذ قرارا سريعا بوقف المباراة ومعاقبة جماهير النادي، ولكنه قرر فقط وقف المباراة لدقائق وطلب من مسئولي الاستاد وقف الإساءات ضد فينسيوس الذي أعرب عن غضبه الشديد في تغريدة على تويتر “لم تكن المرة الأولى أو الثانية أو الثالثة، العنصرية معتادة في الدوري الإسباني، إدارة المسابقة تعدّها عادية، الاتحاد الإسباني يعدّها طبيعية والمنافسون يشجعونها.

كان بإمكان الحكم وقف المباراة تماما والإعلان عن واقعة العنصرية، ثم مطالبة اللاعبين بمغادرة الملعب لحين وقف الهتافات المعادية قبل أن يعلن قرار إلغاء المباراة تماما لمصلحة ريال مدريد، وهذا عقابا لجماهير فريق فالنيسيا على فعلتهم المشينة..وهو قانون الكرة المطبق في أوروبا للحد من الظاهرة، ولكن الحكم لم يلتزم بالقانون.

مشكلة العنصرية المنتشرة في الملاعب الأوروبية، أن معظم الفرق الأوروبية إن يكن جميعها تستعين بلاعبين من إفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية، وهؤلاء اللاعبين هم السبب في إمتاع الجماهير بفنون الكرة، والكل يتذكر رونالدينهو ورونالدو ورونالدو كريستيانو وميسي، وغيرهم الكثيرين.

الجميل في واقعة فينسيوس أنه تلقى دعما فوريا من الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وأعرب فيها عن عن تضامنه مع بني وطنه وأشاد فيها بنجاحه عالميا وكيف نجح في حياته ليصبح واحدا من أفضل لاعبي العالم.. دا سيلفا اعتبر ما تعرض له اللاعب بأنه عودة للفاشية والعنصرية ومحاولة الهيمنة على ملاعب كرة القدم.

مشجعو فالنيسيا أظهروا أسوأ ما فيهم في المباراة، وبدلا من تشجيع الكرة الممتعة، حاولوا النيل من اللاعب فينسيوس الموهوب الذي أسهم بلا شك في زيادة عدد مشجعي ريال مدريد بموهبته وتمريراته وأهدافه الرائعة في مرمي الخصم.

الملاعب الأوروبية تمتلأ بالعنصرية، وعاني منها معظم اللاعبين الأجانب والسود تحديدا، وربما لا تعلم بعض الجماهير الأوروبية أن العنصرية جريمة بغيضة وفعل مشين لا يليق بمواطن ضد آخر مهما كان لونه أو عرقه أو ديانته.
ولكن من المؤكد أن الجماهير الأوروبية يدركون مدى ما يقابل أحفادهم غدا بعدما تتغير التركيبة السكانية للشعوب الأوروبية، فالوضع يتبدل لصالح المهاجرين واللاجئين وكافة الأعراق الواردة الى إوروبا..وغدا ستكون أوروبا إفريقية ولاتينية وعربية وأسيوية ويكون فيها الجنس الأوروبي أقلية.

زر الذهاب إلى الأعلى