مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : أحفاد بن جوريون يدمرون أحلامه

0:00

يبدو أنه في ظل ارتفاع وتيرة الآراء الصهيونية المتشددة داخل إسرائيل بالتزامن مع تصاعد الأزمة الداخلية الممثلة بالتنافر بين مؤيدي الإصلاحات القضائية ورافضيها..ثمة من يجتهد ويحاول دفع الحكومة الإسرائيلية التي التشدد حيال الفلسطينيين، ربما لتخفيف حدة أزمة قانون الإصلاحات القضائية الذي استنزف الإسرائيليين إلى درجة تزايدت معها صيحات الهجرة العكسية، أي هجرة الإسرائيليين إلى الخارج.

وأكثر اثنين يجسدان الآراء الصهيونية المتشددة في إسرائيل حاليا هما وزير المالية بتسلئيل ىسموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ولا يجدان حديثا سوي تهجير الفلسطينيين والتخلص منهم لكي تكون البلاد كلها للإسرائيليين.

تاريخيا، اندلع الصراع العربي الإسرائيلي بعد اغتصاب إسرائيل دولة فلسطين عام 1948، والذي أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم. وفي العقود التي تلت ذلك، لم تعتبر إسرائيل أزمة اللاجئين الفلسطينيين جزءا من الصراع الصراع، باعتبار أنهم تركوا أراضيهم ورحلوا إلى دول أخرى، وبالتالي تتحمل هذه الدولة مشكلاتهم.

وفي هذا السياق، تتباين الآراء حول الحل النهائي للصراع، بعضها يؤيد الحل الثنائي بين دولة إسرائيل غير مسئولة عن عودة اللاجئين، ودولة فلسطينية مستقلة لزاما عليها استيعاب هؤلاء اللاجئين ، بينما يرى آخرون أن الأرض التي تشكل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة يجب أن تكون جزءا من دولة واحدة.

ويعد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من أشد المؤيدين للحل الأخير، ويروج للفكرة بشكل مستمر في وسائل الإعلام والمنتديات العامة. ويعتبر سموتريتش من اليمين الإسرائيلي المتشدد، ويزعم دائما أن الأرض التي تشكلها إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة هي جزء من التراث اليهودي، ولا يمكن التخلي عنها بأي شكل من الأشكال.

وللأسف..يساند كثير من الإسرائيليين هذا الرأي الذي يتبناه سموتريتش رغم أنها وجهة نظر مثيرة للجدل، بينما يؤكد القانون لدولي أن هذا الرأي يتجاهل حقوق الفلسطينيين ويسعى إلى تحقيق أهداف سياسية لا تتوافق مع العدالة والمساواة. ويعتبر الأمر مثيرا للقلق، خاصة في ظل التوتر الدائر في المنطقة الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الصراع في المستقبل.

وتتباين الآراء حول الصراع العربي – الإسرائيلي وكيفية حله، وبعض هذه الآراء هي:

1. حل الدولتين: يروج البعض للفكرة حل الصراع من خلال إنشاء دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، على أساس حدود عام 1967. ويعتبر هذا الحل هو الحل الرسمي الذي يتم الترويج له من قبل المجتمع الدولي. في حين يطالب الفلسطينيون – وهذا حقهم – بحدود 1948.

2. حل دولة واحدة: يروج بعض المفكرين لفكرة إنشاء دولة واحدة تضم إسرائيل وفلسطين وتحفظ حقوق الجميع، ويدعم بعض المفكرين الفلسطينيين هذا الحل باعتباره يحقق العدالة والمساواة بين الجميع، ويمنح الفلسطينيين نفس حقوق الإسرائيليين في كامل أرض فلسطين.

3. الحل العسكري: يعتقد معظم الإسرائيليين – باعتبار أن كل الإسرائيليين لا يمثلون سوى اليمين – بأن الحل الوحيد هو القوة العسكرية، وذلك بإنهاء الصراع بالقوة والإجهاز على كل الشعب الفلسطيني وإسقاط دولة فلسطين من الحسابات السياسية. وهو حل يراه معظم الفلسطينيين أيضا حلا إلزاميا لقضيتهم التاريخية، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وضعيف اليوم سيقوى غدا بلا شك، وأن المستقبل القريب للفلسطينيين وليس الإسرائيليين، خاصة وأن العامل الديموغرافي في مصلحة الفلسطينيين.

4. الحل الديني: يعتقد البعض بأن الحل الوحيد للصراع العربي – الإسرائيلي هو الحل الديني، وذلك بالتوسط بين الطرفين بواسطة شخصيات دينية وتبني حلول مبنية على الدين.


ولكن للأسف الشديد، يتحدث الإسرائيليون عن حلول متطرفة للصراع، ومنها استخدام القوة العسكرية الشاملة، حيث يعتقد البعض بأن الحل الوحيد للصراع هو استخدام القوة العسكرية الشاملة وتدمير الشعب الفلسطيني وإجباره على التهجير والترحيل..ناهيك عن حل توسيع المستوطنات، إذ يعتقد بعض المتطرفين اليهود – ومن بينهم بتسلئيل ىسموتريتش وإيتمار بن غفير، أن الحل الوحيد هو توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلة، زاعمين أن الأرض التي تشكل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل جزءا من التراث اليهودي كما أسلفنا، ولا يمكن التخلي عنها بأي شكل من الأشكال.


ومن الآاء المتشددة ما يعلنه بعض الإسرائيليين عن التهجير القسري للفلسطينيين، ويعتقدون أنه أن الحل الوحيد أي ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم ونقلهم إلى دول أخرى، وذلك بما يعرف بـ “الترحيل “، وهو رأي مخالف للقانون الدولي.

ولكن تأتي الرياح في إسرائيل بما لا تشتهي السفن، حيث أفاد استطلاع للرأي أجرى مؤخرا بأن 54٪ من الشباب الإسرائيلي يفكرون في الهجرة، في أعقاب التدهور في العلاقات الداخلية وانعدام الأمان الشخصي والاستقرار، وقال هؤلاء إنهم يشعرون بأن الدولة تمارس سياسة تمييز ويشعرون بأنهم وحيدون في مواجهة المصاعب التي تعرقل تقدم حياتهم المستقبلية، وأنهم جيل معدوم الحظ.

في المقابل.. لا يتخلى أي فلسطيني عن موقعه، ويتمسك بالأرض، ويقاوم، ويبدع في فنون المقاومة، ما بين سلمية إلى اشتباكات ومظاهرات واحتجاجات، والمعنى أن أرض فلسطين التاريخية ستعود فلسطينية وليست إسرائيلية كما خطط بن جوريون وأسلافه، فأحفاد بن جوريون يدمرون أحلامه بدولة إسرائيل الأبدية، وكلما تشدد أحفاد بن جوريون في التشدد كلما اقترب وقت القضاء على إسرائيل، ويكفي ما تمر به الدولة العبرية من انقسامات حادة بسبب قانون الإصلاحات القضائية الذي أقره الكنيست بالمخالفة لرغبة معظم الإسرائيليين الذين يتظاهرون بصورة شبه يومية، في وقت حذرت فيه بعض الأصوات الإسرائيلية من اندلاع حرب إهلية بين اليمين واليسار نتيجة فرض رئيس الحكومة بنيامين نيتانياهو هذا القانون الذي يقلص صلاحيات المحكمة العليا لمصلحة اليمين المتشدد.

ومن ِشأن تمادي حكومة اليمين المتشدد في فرض أرائها ومنها هذا القانون، أن يعجل باندلاع الحرب الأهلية في الدولة العبرية وهو حل من شأنه حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لصالح الفلسطينيين أصحاب الأرض والتاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى