مقالات الرأى

د. سوزان القليني تكتب:رمضان زمان حاجه ثانية

رمضان زمان كان لمة العيلة والجيران علي الإفطار أو السحور، جارتنا أم محمود مع جارتنا أم جرجس كانوا يتبارون مع والدتي رحمهم الله جميعاً، كانت كل واحدة تتسابق على من صاحبة أحلى طبق اليوم علي الإفطار، كانت أم جرجس صاحبة أحلى طبق محشي كرنب مع أحلى كوب من الكركدية الأسواني، أما أم محمود كانت صاحبة الأوسكار في المكرونة الباشميل وعصير الجوافة الطازج وكانت حريصة كل الحرص علي عمل العصير بالثلج قبل الإفطار مباشرة، أياً كان مكان الافطار فكانت تأني بعدتها لعمل العصير و تردد (هو يبقي له طعم لو لم يُصنع في وقتها) أما والدتي كانت أستاذة في الحمام المحشي وصينية الكنافة وكل الأكلات كان لها طعم تاني من يديها.

كانت أصواتهم تتعالى قبل الإفطار بنصف ساعة وتنادي على الأبناء لتوصيل الأطباق الشهية من إفطار البيوت للجيران مع الجملة الشهيرة ((سلمي على طنط فلانة أو علانة وقولي لها تذوقي عمايل ماما)) وكأن جميعهن يحفظن نفس العبارة بنفس الكلمات ثم تعود الأطباق تحمل أجمل الأطعمة والحلويات ونعود بنفس الجملة التي أرسلتها أمهاتنا (طنط بتقولك تذوقي عمايلها يارب يعجبك).

أتذكر صينية كنافة والدتي رحمها التي كانت تجوب العمارة وبها 80 شقة وكان لا يهدأ لها بال إلا بعد إيصال الكنافة إلى كل الأقارب والأصدقاء وقبلهم الجيران وطوال شهر رمضان صواني كنافة أمي تجوب المعمورة.

كم كانت البركة تملأ البيوت والحب والخير يملأ قلوب الجميع من الأهل والجيران والأصدقاء والآن في معظم الأحوال لا نعرف ولم نر في حياتنا جيراناً في الشقق المجاورة.

كم سعدنا ونحن أطفال وشباب بلمة محمود و(سليمان أخي) وجرجس وأنا وماريان وإيمان وكثير من أبناء الجيران أمام شاشة التليفزيون في بيتنا أو أحد بيوت الجيران نشاهد معاً فوازير نيللي وشريهان ونشاهد ليالي الحلمية وضمير أبلة حكمت وقال البحر ونردد الأغاني مع صوت محمد الحلو وعلي الحجار وكلمات الأبنودي الرائعة.

لقد عاش جيلنا على قيم عكستها أعمال لكبار المؤلفين والمخرجين من أمثال أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي ومحمد فاضل.

الآن ولشدة الأسف أصبحنا نشاهد متفرقين كل في منزله برامج مقالب سخيفة وألفاظ غير لائقة ودراما في معظمها لا تحمل رسالة أو قيمة إنما مجرد تضييع وقت بلا هدف ولا مردود إيجابي!

يا خسارة نفتقد بشدة رمضان زمان.

فعلاً رمضان زمان كان حاجة ثانية.

زر الذهاب إلى الأعلى