مقالات الرأى

مختار محمود يكتب: بوتين زعيم العرب والمسلمين!!

0:00

أيًا كانت دوافعه ونواياه وأسبابه وأهدافه وبراجماتيته..فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يظل صاحب الصوت الأعلى والأكثر وضوحًا عند كل منعطف خطير يمر به المسلمون، لا يخشى أحدًا، ولا يمسك العصا من المنتصف، ولا يراوغ كما يراوغ المراوغون، ولا يترقب حتى يتحدث الآخرون أولاً، ولا ينتظر أمرًا من أحد بالكلام!
في الأزمات والمِحن الكبرى التي تتعاقب وتترى على ساحة المسلمين واحدة تلو أخرى..تبتلع الأرض الجامعة العربية والمنظمات والمؤسسات الإسلامية رفيعة المستوى، وتتعامى المؤسسات الدولية الكبرى، فيما يبدو “بوتين” في الصدارة، يتحدث بوضوح وصراحة وجرأة، غير مشغول بمغازلة الدول الكبرى، ولا بردود أفعالها ولا تشابك مصالحها.
في جديد هذه الأزمات المتمثل في التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، لم ينحَز “بوتين” مثل غيره لأولاد الأفاعي، ولم يبحث لهم عن أعذار واهية، ولم يُلقِ التهم جزافًا بحق فصائل المقاومة الفلسطينية، ويحرمهم من حقوقهم في الدفاع عن وطنهم المحتل، بل صرح خلال حضوره فعاليات “أسبوع الطاقة الروسي” مؤخرًا بأن سياسة الاستيطان الإسرائيلية هي أحد أسباب اندلاع الأحداث الجديدة، ودعا العالم إلى العمل على تقليل الخسائر بين السكان المدنيين أو خفضها إلى الصفر.
كما شدد الداهية العجوز على أن “القضية الفلسطينية في قلب كل مسلم”، وأن المسلمين يشعرون بالظلم بسببها، مشيرًا إلى أنه خلال إنشاء دولة إسرائيل كان هناك حديث أيضًا عن إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة، لكن هذا لم يحدث أبدًا.
“بوتين” أعرب أيضًا عن استيائه من تصرف الإدارة الأمريكية بإرسال حاملة طائرات أمريكية إلى الشرق الأوسط؛ ردًا على عملية “طوفان الأقصى”، معتبرًا إياه أمرًا غريبًا، وسيؤدي إلى تفاقم الوضع المتوتر بالفعل في المنطقة، وداعيًا في الوقت ذاته إلى البحث عن حلول وسَط لحل القضية الفلسطينية بشكل كامل.. وهي الإدانة التي لم تصدر عن أي نظام عربي أو إسلامي، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى الحديث عن إرسال حاملة طائرات أخرى داعمة للأولى!
كما حذر “بوتين” في مقابلة متلفزة لاحقة من اتساع رقعة التصعيد، والتفكير في تهجير الفلسطينيين من “أراضيهم “التاريخية” –كما وصفها- مؤكدًا أن مثل الأطروحات لن تساعد على إحلال السلام، بل سوف تسهم في تفاقم الأوضاع واشتعالها وتطور الوضع من سيىء إلى أسوأ.
وفي الوقت الذي تتعامل فيه أنظمة الحكم العربية والإسلامية مع وقائع حرق نسخ من المصحف الشريف والإساءات المتعمدة للإسلام بشكل عام باعتبارها “أمورًا عادية” غير جديرة بالاهتمام والغضب، فإن “بوتين” يتبنى دائمًا موقفًا مغايرًا، ويعرب عن رفضها واستنكارها، ويصفها بالمهينة والمرفوضة والمستهجنة وغير المبررة، ويشدد على أنه لا علاقة بينها وبين حرية التعبير التي يتشدق بها الغرب المتطرف في مثل هذه المواقف.
وخلال الشهور الماضية..تكررت وقائع إحراق المصحف الشريف في دول غربية، وفيما تجاهلها الحكام العرب والمسلمون وغضوا الطرف عنها، أو اكتفوَا ببيانات سطحية عبر وزراء الخارجية، ظهر “بوتين” مُحتضنًا المصحف الشريف تارة، وواضعًا إياه على مكتبه تارة أخرى، ومشددَا في كل مرة على رفضه المساس بالقرآن الكريم على أي وجه، ومؤكدًا احترامه المقدسات الإسلامية وتعظيمها، كما صرح كثيرًا بأن بلاده تكنُّ احترامًا شديدًا للقرآن الكريم ولمشاعر المسلمين الدينية، مؤكدًا أن “عدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة”!
تعامُل “بوتين” الغاضب مع إحراق نسخ القرآن الكريم، دفع الأزهر الشريف إلى إصدار بيان رسمي في يونيو الماضي، ثمَّن خلاله المواقف العظيمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه الإساءات المتكررة بحق القرآن الكريم.
وجاء في بيان الأزهر الشريف: “يُحيي الأزهر الموقف الشجاع الذي وقفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يحمل المصحف، ويدافع عن مقدسات المسلمين، ويعبر عن احترامه للإسلام”.
وبغض النظر عن تأويلات الأراجوزات المستأجرين، فإن هذه المبادرات المحمودة من جانب الرئيس الروسي الذي أتمَّ عامه الحادي والسبعين يوم السبت الماضي، خلقت منه شخصية مقبولة عربيًا وإسلاميًا على نطاق واسع، حتى إن بعض رواد السوشيال ميديا كتبوا يومًا عبر المنصات المختلفة: “اللهم أعز الإسلام والمسلمين ببوتين”، وهذه شأن “العَجَزة” دائمًا، حيث يترقبون دائمًا حدوث “المعجزة”!

زر الذهاب إلى الأعلى