محمد محمود عيسى يكتب: مكاسب إسرائيل وإيران من العمليات العسكرية الأخيرة
عملية عسكرية بالاتفاق
تعرضت إيران لعدة عمليات اغتيال عسكرية إسرائيلية طالت العديد من علماء البرنامج النووي الإيراني منها ما تم بخارج إيران ومنها ما تم على الأراضي الإيرانية وهذه كانت أكثر قسوة من العمليات التي تمت بالخارج وسببت حرجا كبيرا لإيران أمام الراي العام في الداخل وأمام حلفاء إيران في الاقليم وذلك لأنها كشفت مدى ضعف ووهن الإجراءات العسكرية والأمنية الإيرانية وتغلغل شبكات الاختراق في المؤسسات الأمنية والعسكرية الإيرانية وتزامن مع تنفيذ عمليات اغتيال علماء البرنامج النووي الإيراني تنفيذ مجموعة من عمليات اغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني شملت كبارة القادة وقادة الصفوف الأولى مما عرض الحرس الثوري الإيراني لهزات أمنية كبيرة تركت أثارها السيئة على الداخل وتركت انطباعات واثار سلبية كبيرة في الخارج وصنعت فراغات كبيرة في صفوف القادة العسكريين مما كشف مدى ضعف عوامل وأدوات الرد الإيراني على كل هذه العمليات التي تمت ضد علمائها وقادتها العسكريين ومما زاد من عوامل الضعف الإيراني أن إيران في معظم أو كل هذه العمليات كانت مكبلة ومقيدة في الرد بفضل عوامل القوى الضاغطة عليها من أمريكا وأوربا وإسرائيل أو فيما يشبه أن إسرائيل تقوم بعمليات عسكرية ضد إيران وتجهز مع تنفيذ هذه العمليات ردود الفعل المقابلة والضاغطة على إيران والمانعة لها من اتخاذ أية ردود أفعال قوية وحاسمة للرد في معادلة عسكرية غريبة وتكررت هذه العمليات كثيرا مما وضع إيران تحت ضغوط كبيرة داخليا وخارجيا حتى جاء تنفيذ عملية طوفان الأقصى والتي اشترك فيها الحرس الثوري الإيراني مع حماس في تنفيذ هذه العملية حتى وإن لم يتم الكشف بشكل إعلامي كبير عن اشتراك الحرس الثوري الإيراني في تنفيذ عملية طوفان الأقصى إلا أن الرسالة وصلت إلى إسرائيل وإلى الولايات المتحدة الأمريكية بأن إيران استطاعت أن ترد على إسرائيل ومع تنامي وطغيان الرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى وارتكاب إسرائيل لكل أنواع جرائم الحرب في ردها واقتحامها لغزة مما جعل الشعوب الأوربية وقادة المنظمات المدنية والمعنية بحقوق الإنسان تشكل وتنظم مظاهرات حاشدة للضغط على قادة الدول الأوربية وأمريكا للتدخل لوقف العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين في غزة ولأول مرة خسرت إسرائيل كثيرا من الدعم الشعبي الغربي والأوربي مما وضع الجميع في مواقف بائسة وحزينة وضاغطة أمام شعوبها ومنظمات حقوق الإنسان الغربية والأوربية وأصبح القادة والرؤساء يتعاطفون ويدعمون إسرائيل تحت ضغوط مساندة الحروب والقتل والإبادة وتصدرت إسرائيل المشهد الغربي أمام الشعوب الأوربية على أنها دولة معتدية وقاتلة وتشترك في جرائم إبادة وضد الإنسانية .
هنا كان لابد من تخفيف هذه الضغوط وتحويل وجهات النظر الغربية واتجاهات الرأي العام الأوربي والأمريكي إلى اتجاهات متعاطفة مع إسرائيل أو محاولة استرداد مظلومية إسرائيل الدولة المعتدى عليها دائما والتي يحاول جيرانها أن يعتدوا عليها ويهددوا أمنها وإسرائيل تقدم نفسها دائما أنها في حالة دفاع دائم عن النفس وإيران كانت تريد أن تعيد تقديم نفسها لشعبها ولكل حلفائها في المنطقة على أنها مازالت تملك اليد الطويلة والقوة التي تستطيع أن ترد بها وتدافع بها عن نفسها وتثأر وبقوة ضد الاعتداء على منشأتها الدبلوماسية وإثباتا لوجودها على أنها ما زالت عضوا فاعلا في معادلات القوة والتوازن في المنطقة ومن هنا تلاقت كلا من مصالح وأهداف إيران وإسرائيل في تنفيذ هذه الضربة الإيرانية على إسرائيل ولكن ما كان كل ذلك ليتم بدون التنسيق والتوافق التام مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما صرحت به الأخيرة صباح اليوم أنها كانت على علم مسبق بتوقيتات وأهداف العملية العسكرية الإيرانية ضد إسرائيل
وذلك لأنه لا يمكن أن تقوم إيران بأي عملية عسكرية ضد إسرائيل بدون التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية في حدود الضربة العسكرية وأهدافها والوقت الذي سوف تستغرقه والأسلحة المستخدمة فيها والمناطق المستهدفة والخسائر المتوقعة وتوقيت الضربة. ولذلك لن تتسع الأزمة ولن تخرج عن السيطرة مالم تسمح أمريكا بذلك لأن إيران تعلم تماما عواقب خروجها عن سيناريو الأزمة ووسائل عقاب الولايات المتحدة الأمريكية لها ودخول أمريكا طرف أساسي في الأزمة ضد إيران يعرض إيران لخسائر لا تستطيع أن تتحملها إيران من أول تغيير النظام الحاكم إلى تدمير كافة المرافق والمنشآت العسكرية هناك ولكن إيران في حاجة شديدة إلى تنفيذ هذا السيناريو حتى تحفظ ماء وجهها أمام الشعب الإيراني والحلفاء في الإقليم وإسرائيل أيضا في حاجة أشد إلى تنفيذ هذه العمليات العسكرية وتحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية حتى تستطيع استرداد بعض المكاسب السياسية الداخلية وحتى تستطيع تخفيف وصرف اتجاهات الرأي العام العالمي والأوربي ناحية غزة إلى إسرائيل وتعيد تقديم معادلة إسرائيل الدولة المعتدى عليها دائما والتي تعيش وسط تهديدات دائمة والتي أيضا من الممكن أن توظف هذه العملية العسكرية الإيرانية في اقتحام رفح تحت ذريعة الدفاع عن إسرائيل ومهاجمة الأذرع الإيرانية الإرهابية الموجودة في رفح