محمد أمين المصري يكتب : معضلة الإسلام السياسي
مجرد الحديث عن ”الإسلام السياسي“ غالبا ما يثير خلافات بين المدافعين عنه ومعارضيه. ففي الوقت الذي ترى فيه الجماعات الإسلامية أن الإسلام السياسي هو السبيل لإنقاذ العالم الإسلامي من ويلاته، يخالفهم خصومهم هذا الرأي بشدة، ويرون أن أسباب النهوض بالمسلمين لا تكون بالرجوع إلى الماضي والتعلق بالتراث كما يريد الإسلاميون، وإنما تكون بالأخذ بالأسباب الاقتصادية والسياسية والتقنية التي تمسك بها الغرب واعتبرها وسائله نحو التقدم.
وحيث إن صورة الإسلام السياسي في عمل بعض الجماعات الإسلامية في الماضي تركزت على نظرية التغيير بالقوة، من باب أن تغيير المجتمع لا يكون إلا بالوصول إلى سدة الحكم، فقد تمثل رد فعل حكومات عدة ضد من اصطلح على تسميتهم بـ ”الإسلاميين“، في حظر نشاطهم السياسي وحرمانهم من المشاركة في بقية أنشطة المجتمع الذي أصبح لا يطيق التعامل معهم نتيجة تصرفاتهم وأساليبهم المقيتة التي اتخذوها إبان حكمهم القصير وأدى إلى مشكلات جمة سبق وهي معلومة للجميع.
بداية، لعله من المفيد القول إن ظاهرة الإسلام السياسي التي سبق وانتشرت في البلاد الإسلامية خلال فترة ماضية ، ليست سوى واحدة من مظاهر عدة تمثل عودة أو ”صحوة“ العامة من الشعوب الإسلامية إلى التراث الديني. هذه العودة أو ”الصحوة“ لم تقتصر على الجانب السياسي، وإنما شملت ”أسلمة“ جوانب أخرى، بعضها اجتماعي كانتشار الحجاب بين السيدات، وبعضها اقتصادي كظاهرة تنامي البنوك الإسلامية، وبعضها عسكري. وإن كانت قد نتجت عنها مصطلحات قد تضر أكثر مما تنفع، مثل مصطلح ”القنبلة الإسلامية“.
بيد أن ظاهرة قبول ”الإسلام السياسي“ وسط الشعوب الإسلامية، قد تعود إلى ثلاثة أسباب: السبب الأول هو التصاق هذه الشعوب بتراثها، فالشعوب الإسلامية ما زالت تحن إلى ماضيها، وترى أن السياسة لم تكن مفصولة عن الدين عبر تاريخها الطويل. وعلى رغم أن الشعوب الإسلامية اعتنقت المذاهب المتناقضة من شيوعية واشتراكية ورأسمالية، إلا أنها كانت تقبل كثيرا منها من باب أنها مقبولة إسلاميا.
السبب الثاني لانتشار ظاهرة ”الإسلام السياسي“ في المجتمعات المسلمة، هو ما إشاعته عن انعدام وجود البديل. فحين أخفقت تجربة القومية في البلاد العربية والإسلامية (بما في ذلك إيران وتركيا)، وحين لم تثمر الاشتراكية عن تحقيق الرفاه الاقتصادي المنشود للشعوب التي لبست ثوبها، وحين فشلت الإمبريالية الرأسمالية في جلب الحرية للمجتمعات التي نادت بها، عادت الشعوب الإسلامية إلى أدراجها القديمة كالتاجر المفلس.
السبب الثالث والأخير في وجود شعبية لـ ”الإسلام السياسي“ بين الشعوب الإسلامية، هو أنه ونتيجة لثقافتهم العالية ونقاشهم المنطقي، بدا ”الإسلاميون الجدد“ في مظهر جذاب، استطاعوا من خلاله استقطاب الناس لمشروعهم المقترح. فالإسلاميون اليوم لم يعودوا مجرد مجموعة دراويش يلبسون العمائم والجلابيب الواسعة، ويفكرون بعقلية القرن السابع الميلادي. بل إنهم يحملون ثقافة عالية في جميع التخصصات، وعندهم تجارب مفيدة في العمل السياسي في بلاد الغرب، وأكثرهم من أصحاب المؤهلات العالية في مختلف التخصصات. يضاف إلى ذلك بعدهم عن الفساد، ونجاح تجاربهم الباهرة على رغم قصرها.
ولعل ما سبق من ملاحظات يكشف عن القصور الشديد في رؤية الإخوان المسلمين ، مع أنهم زعموا بأنهم يقدمون رؤية منفتحة، حيث إدعوا في برنامج حزبهم السياسي وقت حكمهم مصر إلى ولاية الفقيه على الطريقة السنية بتشكيل مجلس أعلي من الفقهاء، يراقب قرارات المجالس النيابية وقرارات رئيس الجمهورية التي يصدرها بقانون في غيبة انعقاد المجالس النيابية.
وللأسف، فإن الإسلاميين أفشلوا التجربة الديمقراطية باعتبارها السبيل الوحيد لصناعة الحرية، وعلينا الاشارة الى أن الإسلام السياسى والجهادى فى حروبه المقدسة على النظام العربى، قد لعب دورا فاعلا فى إضاعة الأمل والفرصة أمام ولادة حقيقية للحرية السياسية والاجتماعية. كما أن التيارات الإسلامية لم تتعلم الدرس وتعمل على تغيير أفكارها وأساليب تعاملها مع الغير، لما لذلك من اهمية ، وعدم الاعتماد تماما على النصوص المقدسة فى عملية الجدل السياسى، فهي لم تتخل عن الشعارات الدينية ، فهى تمثل نوعا من الاستغلال من جانب واحد لما يجب أن يكون متاحا للجميع. ولم تتحل بالمصداقية والواقعية وتعترف بأنها استغلت الديمقراطية لتحقيق أغراض ذاتية لبعض الوقت ثم الانقلاب عليها. فالديمقراطية مبدأ لا يجب الانتقاص منه أو استغلاله لأغراض آنية.. والادماج السياسى للتيارات السياسية فى الحياة العصرية يقتضى توافر حسن النية والعمل على مصلحة الدولة وليس مصلحة جماعة فيها سواء كبرت أو صغرت، حيث كان لاستغلال الدين أثره السلبي في:
1. التفرقة بين ما هو ديني وبين ما هو مدني، لأن هذا أمر مسلم به، فالدولة الدينية مرحلة تختلف عن الدولة القومية، وكما هو معروف، فإن ميلاد الدولة الحديثة يقترن هو الآخر بمفردات معاصرة مثل الحداثة والليبرالية والديمقراطية والمجتمع المدني واحترام الحريات.
2. إن فلسفة ”الايمان“ مطلقة بينما الممارسة السياسية نسبية، ومن هنا تأتى خسارة التيارات الاسلامية اذا خلطت الدين بالسياسة، لأنه مزج بين المطلق والنسبى.
3. ضرورة احترام الأقليات الدينية غير المسلمة والعمل على رعايتهم والاهتمام بهم ، لأن هذه الأقليات شريكة فى تشييد دعائم الحضارة العربية والإسلامية، وعدم تبنى أي أساليب من شأنها إرهاب هذه الأقليات أو ترويعهم أو تهديدها بالتطرف الدينى ، بهدف إبعادها عن البلاد وهروبها الى الخارج.
4. تغليب المصلحة القومية على المصالح الذاتية.
هناك فجوة كبيرة بين ” وعود الاسلام“ و ”وعود الاسلاميين“ ، فالاسلام لم ينحرف قيد انملة منذ بزوغ الدعوة المحمدية، فى حين انحرف مسار الحركات الاسلامية جراء تورطها فى صراعات سياسية طاحنة اختطفت الاسلام ودوره من آفاق مقاصده الحقيقية الانسانية إلى دوائر ضيقة تتمثل فى نماذج سياسية مقولبة محصورة رجحت الابعاد والمصالح السياسية على الانسانية والحضارية.وعموما وبغض النظر عن اثاره مسلسل “الحشاشين” من جدل، فالمؤكد ان البشرية
تعاني من قديم الأزل من سطوة السلطة وصراعاتها، وللأسف يكتب التاريخ أشخاص
محدودة الافق ، فصنعوا تاريخا كتبت سطوره بدماء الأبرياء..ومازالت آثار هذه الحقبة من احقاد تفرض قواعدها حتي اليوم ، بقصص وهمية و بمزيد من دماء الأبرياء والبشر الذين لا ناقة لهم ولا جمل في أسباب ما حدث وما يحدث..
قالوا قديما ان الوحشية هي غريزة الحيوانات ، ولكن المؤكد ان السلطة هي غريزة البشر ، كلاهما الحيوان والبشر مآله التراب.
وعلينا كتابة تاريخ جديد للبشرية ننشر فيه قصصا عن امجاد الشعوب وروايات عن ابطال حقيقيين اسهموا في تقدم الحضارة وليس تأخر واخري تفجر بدماء وقتل وتشريد.
ربما تكون هذه مقدمة للحديث عن فكرة الربط بين ”الإخوان المسلمين“ وجماعة ”الحشاشين“ ولماذا انتفض ”الإخوانيون“ لمهاجمة مسلسل ”الحشاشين“، في مقال قادم بإذن الله.