مقالات الرأى

محمد أمين المصرى يكتب : السلام العادل في أوكرانيا

تواصل روسيا وأوكرانيا التصريحات الاستفزازية التي لا تخدم أبدا عملية التفاوض لإنهاء الأزمة التي أصابت العالم بالركود الاقتصادي وشح الأغذية ومخاوف من شتاء مقبل قارس في أوروبا بسبب أزمة الطاقة المستعصية. فنائب مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف تعهد باستعادة كييف ووصفها بأنها مدينة روسية محذرا أوكرانيا من الحديث عن استعادة شبه جزيرة القرم لأن وضعها لا يسمح لها بذلك. ومن جانبه، يواصل الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي حديثه المغتر بقدرته عن تغيير النظام الروسي بعد استعادة مدينة خيرسون، في حين اتسم رد الكرملين بالعقلانية بعدم سعيه للإطاحة بزيلينسكي.

المشكلة بخلاف التوصل الى سلام عادل للطرفين، هي تبني بعض المراقبين مواقف متشددة حيال هذا الطرف أو ذاك، ومن هؤلاء من يتهم زيلينسكي بسعيه الدؤوب للوقيعة بين روسيا وحلف الأطلنطي بما يدفع الى حرب عالمية ثالثة تجتاح الكون بأثره، وأن الرئيس الأوكراني يتنبي لهجة تتسم بالتعالي والغطرسة بسبب مساعدات الغرب العسكرية. ولجأ هؤلاء المراقبين غير المحايدين الى تصريحات سابقة للسياسي الأمريكي هنري كيسنجر دعا فيها الى عدم تركيع روسيا خشية حدوث اضطرابات شديدة في العلاقات بين موسكو وأوروبا، والأغرب هو نقلهم عن كيسنجر قولا اعتقد أنه لم ينبس به مطلقا، وهو أن تركيع روسيا سيكون أمرا خارجا عن القانون؟!.. فأي قانون تحدث عنه كيسنجر؟..ثم يقتبس هؤلاء عن كيسنجر خلاصة فكره عن الأزمة بضرورة توقف الغرب عن محاولة إلحاق الهزيمة بروسيا على يد الجيش الأوكراني لتجنب كارثة في أوروبا!!

ولم يعلم هؤلاء أن العالم لم يتحدث عن الخزي الذي ألحقته “طالبان” بالجيش الأمريكي عندما تمكنت في نهاية المطاف من دفع أمريكا الى سحب قواتها من أفغانستان. كذلك لم يتحدث العالم عن فضيحة لحقت بواحد من أقوى الجيوش العالمية عندما ألحق المجاهدون الأفغان الهزيمة بالجيش السوفيتي ودحره وإجباره على الانسحاب من أفغانستان.

روسيا لم ترفض مبدأ التفاوض لإنهاء الأزمة، ولكن محلليها يتولون عملية الشرح، فيتشددون في عدم مناقشة مصير أي أجزاء من الدولة الروسية ومنها القرم والدونباس وما جرى ضمه من الأراضي الأوكرانية استنادا الى بنود الدستور الروسي التى تنص على استحالة النظر في أي قضايا تخص أي جزء من أجزاء الدولة الروسية.. الحل يكمن في صمت المراقبين كافة.

نقلاً عن الأهرام

زر الذهاب إلى الأعلى