يظهر تحليل لاحق لستة عقود من الدراسات أن النساء أقل تطلعاً للأدوار القيادية من الرجال .. استغربت إيكاترينا نيتشايفا أن والدتها لم تحاول الوصول إلى مناصب قيادية خلال عملها كمهندسة لمراقبة الجودة في شركة برمجيات رغم أن تقييمات أدائها كانت متميزة ، بيّنت نيتشايفا، التي ترعرعت في كولومبيا البريطانية في التسعينيات، أن والدتها: “كانت طموحة ويسير عملها على ما يرام، لكنها ببساطة لم تكن مهتمة بالتقدم نحو الترقية التالية” كذلك كان حال العديد من زميلات والدتها، وحين سألتهن نيتشايفا خلال مراهقتها عن ذلك أرجعن الأمر للالتزامات العائلية وإشكالات التفاعل مع الإناث في بيئة العمل إضافة لقلة اهتمامهن بذلك.
رأت نيتشايفا النمط نفسه متكرراً بين صديقاتها بعد سنوات، لكن هذه المرة لمست ذلك بصفتها عالمة سلوك تنظيمي، فهي تعمل أستاذة مساعدة في الإدارة والموارد البشرية في مدرسة باريس العليا للتجارة ما يخولها أن تفهم هذه المسألة بشكل أفضل. ضمّت جهودها إلى جهود ليا شيبرد، الباحثة في شؤون التباين بين الجنسين وهي أستاذة إدارة مشاركة في كلية كارسون للأعمال بجامعة ولاية واشنطن، التي لطالما حيّرها فشل التنوع المؤسسي وجهود الدمج لسد فجوة القيادة بين الجنسين.
نشرت شيبرد ونيتشايفا وتاتيانا بالوشكينا، التي تعاونت معهما أخيراً تحليلاً متوسعاً حول تطلعات النساء في مكان العمل. تتبع المشروع الذي استمر سبع سنوات اهتمامات وطموحات 138 ألف رجل وامرأة من خلال 174 دراسة منذ الستينيات، وجمع البيانات لتحليل الفجوة بين الجنسين وتقسيمها إلى فئات مثل العمر والقطاع والوقت. لقد توسعن كثيراً بالبحث وتتبعن الأبحاث المنشورة وغير المنشورة ، وهذا أمر محوري لأن الباحثين يميلون للتخلي عن البيانات التي لا تلاقي استحساناً أو لا تتسم بالمفاجأة، خاصة فيما يخص قضايا ساخنة مثل التباين بين الجنسين، ويُعرف هذا في الأوساط الأكاديمية بمشكلة درج الملفات.
تأكيد الشكوك
تقول نيتشايفا: ” أكدت النتائج شكوكنا بأن النساء غير مهتمات” وخَلُص التحليل إلى أن الرجال من الأجيال الثلاثة الأخيرة من العاملين أظهروا باستمرار تطلعاً أبين للقيادة من النساء، ويتعاظم ذلك أكثر في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور، كما أن الفجوة بين الجنسين في التطلعات لم تتقلص حقاً مع مرور الزمن. لطالما تخيل طلبة المدارس تولي أدوار قيادية، لكن يظهر تحول في ذلك بين طلاب الجامعات، حيث تقل نسبة النساء اللائي يتوقعن تولي مواقع قيادية، وهو توجه يرافقهن حتى النضج.
تظهر أرقام التقرير أن هناك وسطياً 11 رجلاً مقابل كل 10 نساء في أول درجة وظيفية تلي وظائف المبتدئين. يتكرر هذا الفارق الذي يبدو بسيطاً عند كل من مستويات التسلسل الهرمي. أجرت الباحثات محاكاة إحصائية توضح ما يحدث لدى تراجع النساء عن القيادة بهذا المعدل في كل مستوى، وتوصلن إلى أنه عند بلوغ مستوى الإدارة العليا يكون هناك أزيد من 21 رجلاً في منصب قيادي مقابل كل امرأة، وسبب هذه الفجوة هو عدم اهتمام الإناث دون احتساب عوامل واقعية أخرى مثل التمييز.
النساء الراغبات في وظائف برواتب عالية غير مرحب بهن في أستراليا
تشير النتائج إلى أن تحديد حصص للنساء في القيادة قد يكون قصر نظر، وأن المقاربات المعيارية للشركات لتعزيز مكانة المرأة وإزالة الحواجز الهيكلية قد لا تؤدي أبداً لتحقيق المساواة الكاملة. قالت شيبرد إنه رغم الأداء الأفضل للشركات ذات القيادة المتوازنة بين الجنسين في مجموعة من المقاييس، إلا أن دفع النساء إلى أدوار لا يرغبنها ليس حلاً. لم يشرح التحليل الموسع سبب عدم اهتمام النساء الذي ظهر نتيجة التنقيب في بيانات ستة عقود، فقد كان من تبعات ذلك الافتقار لإمكانية التواصل مع المشاركين لطرح هذا السؤال.