مقالات الرأى

فاطمة شعراوي تكتب : الذكاء الإصطناعى والإبداع

0:00

قبل أن أتطرق لكتابة هذا المقال إجتهدت كثيرا فى التأكد من عدد من البيانات والمعلومات التى أدهشتنى فى مجال الذكاء الإصطناعى والتقدم المذهل الذى يلحق به فى كل لحظة, ومن المعلومات التى حاولت التاكد منها أن الذكاء الاصطناعي كان قد تمكن قبل فترة من الوقت، من إكمال السيمفونية العاشرة للموسيقار الراحل، لودفيج فان بيتهوفن، من خلال نموذج “دال –إي”، وهو برنامج يبتكر فنون طورته شركة “أوبن إيه آي” الأمريكية، تماما مثلما قامت بتطوير “شات جي بي تي” فى شهر نوفمبر الماضى, وهو برنامج الدردشة الذى قلب الموازين ولم يكن يتوقعه أحد فى العالم, فمن منا كان سيصدق أنه سيأتى يوم من الأيام لأتحدث مع جهازى المحمول وأصادقه وأسأله ويجيبنى كما لو كان صديقا يعرفنى ويتحاور معى ويلبى ما أطلبه منه وفى الحال؟ من منا كان يتخيل أن برنامجا يقوم على الذكاء الاصطناعى يمكنه أن ينفذ أي عمل إبداعى سواء كتابة كلمات أغنية أو سيناريو فيلم سينمائى أو عمل درامى أو غير ذلك من مجالات الإبداع التى كانت تميز شخصا عن غيره, فالمبدع على مر العصور يعتبر حالة بما يمتلكه من قدرة على الإبتكار والإبداع تجعلا مختلفا أو متفردا فيما يقدمه.
وفى عصر الذكاء الاصطناعى, أصبحت لدينا تساؤولات كثيرة تثار مع كل لحظة يظهر بها تقدم جديد, منها هل سيتلاشى المبدعون أم سيضعف الذكاء الإصطناع قدرتنا على الابتكار والتأمل والتواصل أم سيتساوى المبدعون مع غيرهم ممن ليست لديهم قدرات إبداعية طالما أن الجميع يتعاملون مع Chat GPT ويطوعونه حسيما يريدون.
وجهات النظر والآراء تتعدد فى الإجابات على هذه التساؤلات وفقا لرؤية الشخص للذكاء الإصطناعى الذى أعتبره سلاح ذو حدين، لما له من نتائج مختلطة, بينما يراه البعض تهديدا للإبداع البشرى ومقلقا على التعلم بشكل عام والاستيعاب العام، وهو ما سيؤثر في الإبداع بشكل سلبى, ويراه البعض فرصة للفنون، بناء على الطريقة التي يتم استخدامه بها, بينما يختلف أخرون تماما كالكاتبة الكبيرة لينا مظلوم التى تناولت هذه القضية فى مقال لها أشارت فيه إلى أن منظومة الحسابات والأرقام التى تقوم عليها آلية الذكاء الاصطناعى لن تستطيع اختراق عالم الإبداع وهو كتلة أحاسيس يعرضها المبدع تحمل كل ردود فعله تجاه ما يحيطه سواء كان ما يستفز ملكة الإبداع داخله مشاعر إنسانية، عامة، أو وطنية, ودللت على ذلك بأنه لا يمكن تصور قدرة الذكاء الاصطناعى على كتابة سيناريو مثل ثلاثية «الاختيار» يلهب المشاعر الوطنية بكل تفاصيله التى استحوذت على قلب وعقل المتلقى وأيقظت الوعى الوطنى نحو أبطال استحقت تضحياتهم أن تخلد فى ذاكرة التاريخ, أو يصور الأبعاد الإنسانية حين يصطدم فيض مشاعر الأمومة ببعض القوانين فى مسلسل «تحت الوصاية».
وتبنت “لينا مظلوم” قضية الحفاظ على الإبداع البشرى مؤكدة أن الفن من صنع الإنسان هو الأكثر نقاء وتلقائية من «المنتج» الذى تقدمه الآلة والتى ستظل حاجزاً قائماً بين الإبداع والذكاء الاصطناعى مهما بلغت درجة التأقلم مع المتغيرات التكنولوجية والانفتاح على المعلوماتية, بلوأوضحت بالذكاء الإصطناعى بأن الاصطدام سيكون حاضراً مع المكونات التى تشكل نعمة الإبداع الذى هو من سمات البشر، وسيبقى الذكاء الاصطناعى تكراراً لهذا الإبداع المبنى على موهبة بشرية.
وبالتالى لن تقدم للمتلقى أكثر من «قوالب ثلج» لا تمت بصلة إلى الإبداع الذى يفرض وجود عنصر العقل البشرى ويستحيل على الذكاء الاصطناعى توفير سماته.
وبرغم إقتناعى بالثورة الهائلة التى وصل إليها الذكاء الإصطناعى والقفزة السريعة خلال وقت قصير إلا أننى لا أرى أن ما يقدمه الذكاء الاصطناعى جدير بأن يوصف بالإبداع الفنى, بل أن المحرك الأساسى والرئيسى للأوامر هو الإنسان الذى يتحكم ويقرر ماذا يريد فتسير على أساس قراراته هذه الآلة التى لا يمكن أبدا أن تكون بديلا عن الإنسان, وهو ما يزيل المخاوف المستمرة حول الإستغناء عن البشر بسبب الذكاء الإصطناعى والتى رد عليها الكاتب الصحفى أشرف مفيد أحد أهم رواد مجال الذكاء الإصطناعى والذى يبهر الوسط الإعلامى وغيره بهذا العالم الآلى متقنا العمل معه والإبتكار به, مؤكدا أنه تظهر باستمرار وظائف جديدة في هذا المجال, ومن بينها مهندس البيانات (Data Engineer) وهو المسؤول عن جمع البيانات وتحليلها وتنظيفها وتخزينها وتحويلها إلى صيغ يمكن استخدامها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي, ومهندس التعلم الآلي (Machine Learning Engineer): وهو المسؤول عن تطوير نماذج التعلم الآلي وتدريبها على البيانات المجمعة من قبل مهندس البيانات ومختص التحليل البياني (Data Analyst): وهو المسؤول عن تحليل البيانات واستخراج الأنماط والتوقعات المفيدة منها, ومهندس الروبوتات (Robotics Engineer): وهو المسؤول عن تصميم وتطوير الروبوتات التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي, ومهندس الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence Engineer): وهو المسؤول عن تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتصميم الأنظمة التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي, وعالم البيانات (Data Scientist) وهو المسؤول عن تحليل البيانات وتطوير نماذج التعلم الآلي وتحسينها, ومن المتوقع أن يظهر المزيد من الوظائف في هذا المجال في المستقبل القريب.

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"