مقالات الرأى

عبد المعطي أحمد يكتب: بطرس غالى فى ذكراه

0:00

غدا 16 فبراير تحل الذكرى الخامسة لرحيل الدكتور بطرس بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة ووزير الدولة للشئون الخارجية فى عهدى الرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك, ومؤسس مجلة السياسة الدولية بالأهرام الذى ظل باحثا وكاتبا ومفكرا من أعمدتها, ورئيس مركز الدراسات السياسة والاستراتيجية بالأهرام, وطرح على الرئيس الراحل أنور السادات فكرة الولايات العربية المتحدة, وعمل مديرا لمركز الأبحاث فى أكاديمية لاهاى الدولية. كما شغل منصب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان حتى استقالته لظروفه الصحية عام 2011
وسيتوقف التاريخ كثيرا بالاحترام والتقدير للدكتور بطرس غالى لرفضه الرضوخ والانصياع لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية التى طلبت منه عدم إعلان إدانة العالم لإسرائيل فى مسئوليتها عن مذبحة قانا, وإصراره على إعلان تقرير الأمم المتحدة عن المذبحة, وهو مادفع أمريكا لعدم الموافقة على التجديد له لدورة جديدة كأمين عام للمنظمة الدولية, فخسر المنصب ولكنه كسب احترام العالم كله واحترامه لنفسه.
وكانت الفترة التى تولى فيها منصب الأمين العام للمنظمة الدولية حافلة بالمواقف والأحداث المشهودة أهمها الصدام مع الولايات المتحدة بسبب مواقفه المبدئية من بلطجة إسرائيل, والإبادة الجماعية فى افريقيا والبوسنة والهرسك, وقضايا الشرق الأوسط, مما جعل واشنطن تستخدم الفيتو ضد ترشحه لفترة ثانية رغم الإجماع الأفريقى والدعم الدولى له, وبعدها اختيرنائبا لرئيس الاشتراكية الدولية وأمينا عاما لمنظمة الفرانكفوية الدولية.

لقد كانت الثقة بالنفس, والقدرة على التسامح, والعلو فوق الصغائر بلاحدودهى جوهر شخصيته, وهو قامة لايقلل أحد من قيمتها, لعب أدوارا فى السياسة والصحافة السياسية, وله مذكرات فى أكثر من كتاب مكتوبة بروح تعيد للعين محبة القراءة.
لقد أقيمت للدكتور بطرس غالى جنازة عسكرية مهيبة, وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى وكبار رجال الدولة وقادة القوات المسلحة فى وداع الفقيد.
تحت عنوان” الصين تضرب مصر سياحيا” قرأت أن الصين أقامت على أراضيها منطقة كاملة تحاكى منطقة الأهرامات وأبو الهول المصرية, وحققت 15 مليون زائر, وسبق لأمريكا أن أقامت فندقا فى لاس فيجاس بولاية نيفادا على شكل هرم وديكورات فرعونية وعمال يلبسون الزى الفرعونى, وقد أثار استيائى وجود كرسى مسح الأحذية فى مدخله, وأطلقت عليه”فندق الأقصر”, وكانت دعايتهم له وقت افتتاحه:”إذا لم تستطع زيارة مصر بسبب ظروفها تعال عندنا”. أليس من حق مصر المطالبة بحقوق ملكية فكرية لما أبدعه الأجداد؟ أو على الأقل نشر إعلانات عالمية وخاصة فى هذه المواقع تخاطب الزوار وتوضح لهم روعة وعظمة الأصل ومالا يستطيع التقليد أن يعطيه؟
المقاومة حق إنسانى معترف به عالميا, ويقره القانون الدولى, لكن التيار العام فى الشارع العربى والفلسطينى لايرى سوى المقاومة المسلحة التى هى من وجهة نظرى لم تؤد إلى شىء إيجابى سوى رفع المعنويات دون تحقيق شىء على الأرض, فإسرائيل انسحبت من سيناء بالسلام وليس بالمقاومة, وأنت فى حاجة إلى تيار مقاومة معتدل, ولابد أن تكون هناك نظرة جديدة ومختلفة فى التعامل مع المجتمع الإسرائيلى بتقريب اليسار وحركات السلام, فنحن أضعنا فرصا كثيرة للسلام,فعندما زار السادات القدس قاطعه كل العرب, وعاد العرب بعد23 عاما وطرحوا مبادرة للسلام فى القمة العربية فى بيروت عام 2002 ورفضتها إسرائيل.!
بعد مايقرب من أربعة شهور من صمود الشعب الفلسطينى أمام إسرائيل دون مساعدة أو دعم من أحد, عندى يقين بأن الشعوب العربية سوف تراجع مواقفها, وتحاسب نفسها, لأنها لم تكن على مستوى اللحظة التاريخية التى عاشتها حين تخلت عن شعب غزة أمام الطاغوت, وسوف يأتى اليوم الذى يراجع فيه عقلاء هذه الأمة كل ماجرى , خاصة أن الجميع شاهد حجم الدمار الذى لحق بهذا الجزء العزيز من هذه الأمة,وإذا كانت التضحيات ضخمة فإن صمود أهل غزة أصبح حديث العالم كله.
إن الجنون الأمريكى الذى اجتاح يوما العراق تحت دعوى السلاح النووى, وكشف الوجه القبيح للقرار الأمريكى هو نفسه الذى احتل أفغانستان, ودعم إسرائيل فى قتل الآلاف فى غزة. إن الدولة العظمى كان ينبغى أن تحترم إرادة الشعوب وتسعى إلى استقرار الأمن فى العالم, ولكنها تحولت إلى قوة غاشمة تمارس البطش فى كل اتجاه.

زر الذهاب إلى الأعلى