مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: تدمير البشر والحجر

0:00

الوطن..الأرض..التاريخ..الجذور..الهوية هل من السهل نسيانها أو حتى التنازل عنها؟ وهل يعقل أن يجرد شعب من هويته؟

إن الكارثة الفلسطينية- ولا أقول القضية- أصبحت وصمة عار على جبين الإنسانية فى عصرنا الحديث.

جميعنا أصبح يرى الكوارث الإنسانية فى فلسطين المحتلة تحدث كل يوم, سواء كان هذا قتلا للبشر, أو هدما للآثار الإسلامية أو المسيحية فى القدس, وأصبحنا نرى ونعرف ولا نحرك ساكنا, وكأن اسرائيل قد ألقت على العالم كله قنبلة مخدرلتعيث هى فى الأرض فسادا, ولا صوت يعلو فوق صوت آلة الدمار.

علينا أن نتذكر أن القدس مدينة مسجلة فى قائمة التراث العالمى لليونسكو منذ عام 1981, ويعنى ذلك – وبوضوح- أن آثار القدس لاتخص الفلسطينيين وحدهم, بل هى تراث يهم الإنسانية كلها, وعليها الحفاظ عليه من أى مايهدده, ومن ذلك حظر ومنع أى محاولة لتغيير معالم المدينة التاريخية والأثرية.

ويشمل الحظر أيضا أى اعتداء على آثار الحرم المقدسى سواء من الداخل أو الخارج, ورغم ذلك فآلة الهدم والتدمير الإسرائيلية تعمل ليل نهار على تهويد القدس وطمس المعالم العربية سواء إسلامية أو مسيحية.

هناك حفائر إسرائيلية فى كل مكان بالمدينة القديمة, ليس من بين أهدافها كشف تاريخ وآثار بيت المقدس, وإنما هدفها إثبات الوجود الصهيونى ومحو التاريخ الفلسطينى من جذوره.

وليعلم الناس فى كل مكان أن أى أعمال حفائر حتى لو كان من يقوم بها علماء آثار لايعترف بها أو بنتائجها, طالما تمت فى أرض محتلة وبرعاية المحتل نفسه, والحفائر التى قامت بها بعثات اسرائيلية فى سيناء قبل تحريرها خير مثال على ذلك, وليس غريبا على اسرائيل التى ولدت على أساس مرجعية عنصرية أن تغتال البشر والحجر, فهذا مانعرفه عنها دوما, وهى- للحق- لم تخيب ظننا بها يوما, ولكن الغريب هو موقف منظمة اليونسكو تجاه مايحدث فى القدس!

فالطبيعى أن توجه المنظمة رسالة تحذيرإلى اسرائيل فور بدء الأخيرة فى أعمال الحفر والهدم بالقدس والتى حدثت منذ سنوات, ولكن المنظمة لم تفعل!

بعدها كنا نتوقع أن تقوم اليونسكو برفع المدينة من قائمة التراث العالمى والذى لن يضير القدس فى شىء, ولكن سيفضح دولة الاحتلال, ويعطى للفلسطينين دليلا دامغا على عمليات التهويد القبيحة للقدس, ولكن من الواضح أن المنظمة العالمية أصبحت تلعب سياسة أكثر من أى شىء آخر, بما فى ذلك حماية التراث الإنسانى المادى والفكرى.

ولقد دعا خبير الآثار زاهى حواس منذ سنوات رؤساء الآثار فى الدول العربية, والتقوا بالجامعة العربية, وقدموا ورقة عمل موثقة لمخاطر الحفائر الاسرائيلية غير الشرعية أسفل المسجد الأقصى, وكان المطلب هو الوقف الفورى لهذه الأعمال, واستطاعوا أن يجبروا اليونسكو على التحرك, وإرسال مراقبين لتوثيق الاعتداءات الاسرائيلية بالقدس, ولكن لم نسمع بعدها عن أى إجراء عملى لوقف الحفائر, ولايزال مدير المسجد الأقصى يطلب العون والمساعدة من كل عاشق للقدس وتاريخه وآثاره.

إنها دعوة لكل إنسان له دائرة من المعارف أو الأصدقاء أن تجمعهم وتضمهم رابطة عالمية يكون إسمها هو هدفها ومطلبها الوحيد “الدفاع عن القدس”.

  • يعد التاريخ المادة الرئيسية والأساسية التى اختص بها عدد كبير من أبناء العالم, وذلك نابع بدرجة رئيسية من أهمية التاريخ الكبيرة فى حياة العالم, فالتاريخ هو السجل الكامل لمختلف الوقائع التى وقعت منذ أن بدأت الكتابة على وجه الأرض, ومن أهم الكتب التاريخية التى تساعدك على معرفة ماهية الأمم كتاب”حضارة العرب”للمفكر الفرنسى الكبير جوستاف لوبون الذى يؤرخ لنا من خلال كتابه مجد العرب التليد الذى يضرب بجذوره فى أعماق الزمان, حيث يستعرض الأقسام التى انقسم إليها العرب والأمجاد التى حققوها فى الأدب والعلوم وغيرها من المجالات.
  • مفاتيح الإصلاح العربى مازالت بيد العرب, ومازلنا قادرين على الإصلاح. ربما نكون قد أفلتناها مرات, وفاتتنا فرص, ولكنها لم تضع, لأن هناك دائما أملا وضوءا فى نهاية النفق. يبدأ هذا الإصلاح بالاعتراف بمشكلتنا, وتخلفنا, وهذا الاعتراف بحد ذاته صعب , ولكنه ليس مستحيلا, ثم بعد ذلك نبدأ ببناء البيئة التربوية والسلوكية والذهنية للأجيال المقبلة, أما إصلاح أنفسنا فهو الأصعب, لأن تغيير العادات والعقليات ستأخذ وقتا أطول, والثوابت وعادات المجتمعات العربية الحالية لايمكن أن تحقق أو تبنى حضارة.
زر الذهاب إلى الأعلى