راندا الهادي تكتب: (داليا عبد الإله)
هي فنانةٌ سودانيةٌ كنتُ أتمنى لقاءَها لأتحدثَ عن تجربتها بشكلٍ أكثرَ عُمقًا، ولكن تشاءُ الظروف أنْ يُعَرِّفَني عليها جدار!! جدارٌ في المعهد الفرنسي بالمنيرة، اِحتضَنَ لوحاتٍ تعبيريةً لتلك الفنانة بنت النيل، لوحاتٍ تتحدثُ عن فُقدان البصر وحالة الخَواء التي يعيشها السودانيون بسبب الحرب التي ترتع في طول البلاد وعرضها.
وفُقدانُ البصر الذي تتحدث عنه لوحات (داليا) ليس العضوي وإنما النفسي، ومن هنا قررتُ أن أكتبَ عنها وعن هذه الرؤية العبقرية للواقع في وطنها، والذي جعلها تَعْتبِرُ تبدُّلَ الأحوال وتغيُّرَ وجهِ السودان _ الذي تَربَّتْ عليه _ مطابقًا لحالةِ فُقدان البصر؛ فعيناها لم تعد ترى وطنها الذي تعرفه، فقدتْ رؤيته كما اعتادت عليه، ويشاركها في هذا الشعور كلُّ السودانيين الذين فقدوا وطنَهم، أمانَهم، وحياتَهم، وهم على قيد الحياة!!
لكن الذي يُميز (داليتنا) عن الباقين، هُويتُها كفنانة استطاعت بريشتِها ورؤيتِها إيصالَ صوتِ بني وطنها لخارج الحدود، لتتوسَّدَ جدرانًا كانت أكثرَ حُنوا ودعمًا من بعض من يحملون الجنسيةَ السودانية ولا يشغلهم سوى السلطة والمصالح!! فكل الدعم لـ(داليا عبد الإله) وكل التحية لتلك الجدران ومن بناها، لتَحمِلَ أفكارًا وآراءً لا تَجِدُ النورَ في أوطانها!!