مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: حديقة حيوانات أيام الامتحانات!!

(تعرف ابنك)؟ أعرفه، اختبرته أيام الامتحانات؟ لا، (يبقى ماتعرفوش)!! و باعتبار أننا وسط معمعة امتحانات نهاية العام الدراسي، ولا يوجد بيت لا تُرفع فيه أكف الضراعة إلى الله لتوفيق أولادنا، إذن تعالَوا لنتشارك فلسفتي المتواضعة عن خبرة ١٣ سنة أمومة.

في أوقات الامتحانات شخصية ابنك الحقيقية لا تخرج عن واحد من أشباه هذه الحيوانات:

أولا: الابن الفيل (وهنا أقصد الفتاة والصبي): وهو الذي لا يحرك ساكنا، يتمتع ببرود الدنيا والآخرة وبرود الجيران المحيطين! الامتحانات على الأبواب وهو يسأل: (ماذا سنأكل اليوم يا ست الكل؟ طيب هي طنط ثريا عملت بوتوكس؟ فين التيشيرت اللايت بلو بتاعي)؟ ومهما انفجرتِ من الغيظ في محيطه، لن تجدي استجابة، لذا وفري ثمن الجري على الأطباء والأدوية التي اشتعلت أسعارها هذه الأيام (وادعي ربك يخيب ظنك فيه)!!

النوع الثاني: الابن القرد، هذا النوع (الڤولت) يرتفع عنده في أيام الامتحانات، فقد تجديه مستيقظا حتى الفجر، دائم الحركة في البيت – حركة غير مبررة بلا هدف – قرَّرَ إنزال دولاب ملابسه لإعادة ترتيبه، – ألم تطلبي هذا مرارا وتكرارا؟! – أفرغ أدراج حجرته كلها، يعرض على الجميع في البيت المساعدة، يلبي أي نداء، مدة جلوسه على الكتاب للمذاكرة يصعب قياسها بالفيمتو ثانية، يصبح كظلك، قَتَب في ظهرك في أي مكان، إذن ما الحل؟! هذا النوع دواؤه دور برد محترم يُلزمه الفراش فيضطر لإمساك الكتاب والمذاكرة!!

وصلنا إلى الابنة الغراب: وللأسف سأخصص هنا البنات، لأن هذا النوع بصراحة نادر الوجود بين الصبية بالقياس إلى انتشاره كالنار في الهشيم وسط الجنس اللطيف.
عند هذا النوع، فترة الامتحانات فترة النكد والاكتئاب وسلخ ذاتها وذات المحيطين! سنجد الفتاة تحولت إلى العملاقة (أمينة رزق) في أعظم أدوارها المأساوية، لتسمعي جُمَلًا على شاكلة: (أنا هاشيل المادة، الدكتور مستهدف الدفعة، مافيش حد حاسس بيّه، مافيش حد بيحبني)! كل هذا مع بكاء متقطع ونهنهة مستمرة، ورفض أي دعوة للطعام، فهي دوما: (مالهاش نِفْس)!! أو تمطركِ بعبارات: (ماما تعالي اقعدي جنبي، أُحضنيني، كلميني عن نفسك، إزاي إتجوزتي بابا)؟!! هنا يا ست الكل، أمامكِ حل من اثنين، الأول: أن تحاولي استيعابَ ابنتك واحتواءها حتى تمر الامتحانات بدون شر، أو تتعاملي معها ككل أم مصرية أصيلة وهنا سأترك المساحة لخيالك وإبداعك!!

وصلنا إلى الابن الثعلب، أو (اللي فاكر نفسه ثعلب، بس على مين)!! ستجده ليل نهار ممسكا بالـ (موبايل)، ماذا تفعل يا قرة عيني؟! (سيب الموبايل)، فيرد الثعلب؛ أذاكر والله!! حيث أرسل لنا المُدرس (شيتات)، أو أشاهد ڤيديو لشرح الدرس الفلاني،… هل تفضلون أن أرسب بالمادة؟!! وابننا حبيبنا بالطبع (عايش ع الواتس والفيس مع زمايله ومتابعة الترندات والحبشتكنات، وتولع مُذاكرات على مَدْرَسَات – باللكنة التركية – لكن على مين)!! هذا النوع يحتاج انقضاضةً مُفاجئة من الأب أو الأم كانقضاضة الصقر على فريسته في لحظة غفلة من الابن – وما أكثرَها – ليتم سحب الـ(موبايل) منه طوال فترة الامتحانات لمحاولة (لَمّ اللي فات)!!

لا يزال في جعبتي المزيد والمزيد – مع الاعتذار للحيوانات -، ولكن أظن أن الأهم هو ما سأقوله لكم في السطور التالية: فترة الامتحانات بلا شك فترة صعبة؛ بسبب القلق والتوتر الذي يكون مصدره في أحيان كثيرة الأب والأم وليس الأبناء، لذا يجب أن تعلموا جيدا أن الامتحانات والدرجات ليست المحدِّدَ لمستقبل أولادكم، وأثق أن الكثير منكم يعلم، حيث إنها لا تزال في نظامنا التعليمي مقياسا لقدرة الطالب على حفظ واسترجاع المعلومة وليس الفَهم، فهوِّنُوا على أنفسكم وأولادكم، وادعوا لهم بالصلاح والفلاح، ولنظامنا التعليمي بالنهضة من عثراته وكبواته المتكررة.

زر الذهاب إلى الأعلى