مقالات الرأى

د.غلاب الحطاب يكتب: على أرض الأحلام “ودينى”

0:00

السخرية تولد من رحم المعاناة، وكم فيكى يا مصر من مضحكات مبكيات، وفى أعتقادى لو كان للمتناقضات جائزة كبرى .

لاحتلت مصر المركز الأول بلا منازع ، بل لدخلت موسوعة جينيس لأطول سلسلة متناقضات على مستوى العالم .

فعلى الرغم مما تعانيه مصر منذ ثورات الخريف العربى من ندرة فى الموارد واعتلال فى الاقتصاد وغلاء غير مسبوق فى الأسعار ونقص فى المواد الغذائية و زيادة سكانية ملحوظة واستهلاك لبنيتها التحتية التى كانت تعانى من الانهاك لسنوات طويله .
ورغم ذلك نجد هذا البلد الذى يعانى ويئن تحت وطأه الظروف الإقتصادية العالمية يستقبل ملايين البشر من الإخوة الأشقاء.

بداية بإخواننا السوريين وتلاهم اليمنيين والليبيين وأخيرا – وليس أخراً – الإخوة السودانيين الذين نزحوا بالملايين فى وقت متقارب ، فاق العشرة ملايين دفعة واحده .
تخيلوا معى لو إناء طافح بما فيه كيف يستوعب ٢٠% زيادة على محتواه الأصلى، وكأنه كتب على الشعب المصرى والحكومة المصرية أن تتحمل أخطاء شعوب وحكومات القهر العربى.

.. أن ما تعانيه مصر الآن من مشكلات آنية – وقد تستمر هذه المشكلات وآثارها لسنوات عديدة – ليس ببعيد عن طفرة الهجرة المباغتة لأشقائنا العرب.

فهناك مناطق فى مصر مثل فيصل والمريوطية وعابدين وأرض اللواء تغيرت فيها الخريطة السكانية وأصبح المصريين أقلية فى هذه المناطق حتى أطلق الناس على أرض اللوأء أرض اليمن السعيد .

وعلى الحكومة المصرية أن تنتبه من الآن لهذا الخطر العشوائى والمحسوس وقد ينفجر فى أى لحظة وأراه قريباً.

عشرون مليون لاجئ ويزيد فى بلد منهك ، تعنى علي الاقل خمس مليون فرصة عمل مهدرة على المصريين وخمس مليون شقة سكنية وضغط على شبكات الطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحى والخدمات الصحية ، وقد ظهر بشائر هذه الأزمة فى غلاء أسعار المنتجات الغذائية والشقق السكنية التمليك منها والإيجار والكثير من الخدمات ، هذا بالإضافة إلى فارق العملة الذى أصبح معه المواطن المصرى غير قادر على منافسة اللاجئ العربى فى الحصول على السلعة أو الخدمة وهذا شكل أيضا عبء نفسى على المواطن المصرى بالإضافة إلى أعباءه الأخرى .

نسمع كل يوم عن خطط الحكومة لتقنين أوضاع ضيوفنا الكرام لكن من وجهة نظرى ليس هذا حلا ، ستظل المشكلة جاسمة على الجسد المنهك المعتل بل ستزيد انهاكه.

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى -وهذا هو التخوف الحقيقى – الخوف من الاحتكاك بين المواطنين والأخوة اللاجئين والذى بدأ بالفعل وإن اقتصر حتى الآن على الاحتكاك اللفظى والتلاسن بين الفريقين على صفحات التواصل الإجتماعى ، وهذا الأمر ليس خافيا على أحد .

فما ذنب المواطن الذى وجد نفسه بين عشية وضحاها بين فكى رحى وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وخاصة وأصبح يعانى أشد المعاناة من نقص الخدمات والكهرباء خير المثال ، وقد حكى لى بعض الأشخاص انه كان يقف واسرته فى انتظار تاكسى أجرة تحت لهيب الشمس وما أن لمح تاكسى قادم من بعيد لاح له بكلتا يديه ليتوقف ، وعندما اقترب منه لاح لسائق التاكسى شخصين من أصحاب البشرة السمراء ففضل سائق التاكسى تجاوزه ووقف أمام أصحاب البشرة السمراء ظنا منه أنهما عربيين .

من هذا المنطلق أناشد الحكومة المصرية الفتية أن تجد لهذا الأمر الشائك حلولا جذرية تقينا شرا نحن فى غنى عنة وخاصة وقد أصبح الأمر فوق طاقة الاحتمال ، وعلى رأى المثل الزيت اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع.

زر الذهاب إلى الأعلى