مقالات الرأى

د.سوزان القلينى تكتب : التجربة الفرنسية

0:00

شاركت منتصف ديسمبر الماضي في احتفالية اليوم العالمي للغة العربية التي أقامتها اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس. ومع روعة هذه الاحتفالية اهتماماً بلغتنا العربية إلاأنني أثرت أن أتناول هذه الاحتفالية في المقال القادم وأكتب لكم عن التجربة الفرنسية التي أبهرتني هذا الأسبوع.

في صباح يوم الاحتفالية طلبت من الفندق سيارة أجرة للوصول لمقر اليونسكو في التاسعة صباحاً موعد الافتتاح، وانتظرت قدوم السيارة حوالي ساعتين ونصف حتى قاربت الساعة على التاسعة ولم تصل سيارة الأجرة! بدأت أتوتر خوفاً من التأخير عن الموعد المحدد. توجهت إلى موظف الاستقبال معاتبةً إياه على تأخيرالسيارة، إلا أنه وبمنتهي الاحترام والهدوء اعتذر كثيراً قائلاً: إن كل الشركات التي تدير سيارات الأجرة خفّضت عدد السيارات العاملة إلي النصف نظراً لأزمة البنزين والسولار التي تعاني منها فرنسا وكل أوروبا جرّاء الحرب الروسية الأوكرانية، وأن هذا واجب وطني لمساندة وطننا فرنسا في الأزمات، وبمنتهي الذكاء أحضر خريطة وشرح لي كيفية الوصول إلى محطة المترو قائلاً: المترو أسرع وسيلة للوصول إلي غايتك.

ركضت سريعاً للوصول إلى محطة المترو لأن الساعة قد تجاوزت التاسعة وعند الوصول إليها وجدت الدرج مرتفعاً جداً! ولم يكن أمامي حل سوى النزول سريعاً للوصول إلى المترو رغم أنني أعاني من مشاكل في الركبة! ولفت نظري خلال نزولي الدرج الكثير من كبار السن وهم يتكئون على مشايات مساندة وينزلون الدرج بكل هدوء والشباب يجري كل في اتجاه ليلحق بالمترو حسب وجهته.

تكرر نفس المشهد عند الوصول إلى المكان المطلوب وأنا أراقب كبار السن وهم يصعدون الدرج سواء بالمشاية أو بمساعدة أخرين وفوراً قفز في ذهني سؤال أين السلالم المتحركة أو المصاعد الكهربائية؟ أين حقوق هؤلاء العجزة وكبار السن لدي الدولة التي ينبغي عليها توفير وسائل الراحة لهم؟ وكيف أن هؤلاء يتقبلون هذا الوضع دون تذمر وكأن هذا أمر طبيعي؟ كثير من الأسئلة دارت في ذهني عن حقوق الإنسان والوضع في دول أوروبا خلال السير على الأقدام للوصول الي مقر اليونسكو خوفاً من تكرار تجربة انتظار سيارة الأجرة.

عند وصولي إلى المقر لاحظت أن الكثير من المشاركين وصلوا في نفس الموعد متأخرين لنفس السبب وقد قابلت أحد الأصدقاء العرب من ذوي الجنسية الفرنسية وطرحت عليه جميع ما دار في ذهني من أسئلة؟ فوجئت بالرد: هذا واجبنا الوطني وعلينا جميعاً مساندة دولتنا وقت الأزمات مهما كلفنا هذا من عناء.

وجدتني أردد: فعلاً عظمة الدول بوعي مواطنيها.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى