المرأة والأسرة

حكم تأخير عقيقة المولود.. الإفتاء تجيب

0:00

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال نصة ” ما الوقت الذي تُذْبَحُ فيه عقيقةُ المولود؟ وما الحكم لو فات هذا الوقت ولم يتم الذبح؟

 

اجابت دار الإفتاء ” المستحبُّ في وقتِ ذبح العقيقة أن يكون في اليوم السابع من ولادته، فإن فاته استُحِبَّ له الذبح في الرابع عشر أو الحادي والعشرين، فإن فاتته هذه الأوقات: فإنه يشرع له ذبحها قبل البلوغ، أو يذبحها بعد ذلك في أي وقت شاء بنية القضاء؛ لأن القضاء لا يشترط له الوقت.

 

قالت ” المقرر أن الحكمة من اختصاص العقيقة باليوم السابع من الولادة؛ هو شكر الله تعالى على سلامة المولود وحياته؛ إذ إن المولود حينما يولد يتردد أمره ما بين الحياة والموت لشدة ضعفه، فإذا ما امتدَّ عمره إلى سبعة أيام، استدل بذلك على سلامة بنيته وصحة خلقته، كما أن في تجاوز تلك الفترة الزمنية، تجاوز أول مراتب العمر فإذا استكملها المولود انتقل إلى المرتبة الثانية وهي الشهور، فإذا استكملها انتقل إلى المرتبة الثالثة وهي الأعوام، فكانت العقيقة بمثابة شكر لله تعالى على استكماله أول مراتب العمر وأصعبها.

 

أضافت ” – فإن فاته السابع الأول: استُحِبَّ له ذبحها في السابع الثاني أو الثالث بلا خلاف، وهو المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم، والذي عليه الأئمة من الفقهاء؛ فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ» أخرجه الطبراني في “الأوسط” و”الصغير”، والبيهقي في “السنن الكبرى”.

 

تابعت ” عن أم كُرْزٍ رضي الله عنها قالت: قالت امرأة من أهل عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: إِنْ وَلَدَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ غُلَامًا نَحَرْنَا عَنْهُ جَزُورًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: “لَا، بَلِ السُّنَّةُ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، يُطْبَخُ جَدْوَلًا، وَلَا يُكْسَرُ لَهَا عَظْمٌ، فَيَأْكُلُ وَيُطْعِمُ وَيَتَصَدَّقُ؛ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ” أخرجه ابن راهويه في “مسنده، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُسَمَّى، وَيُحْلَقُ» أخرجه الترمذي في “السنن”، وقال: [هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُذْبَحَ عَنِ الغُلاَمِ العَقِيقَةُ يَوْمَ السَّابِعِ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ يَوْمَ السَّابِعِ فَيَوْمَ الرَّابِعَ عَشَرَ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ عُقَّ عَنْهُ يَوْمَ حَادٍ وَعِشْرِينَ] اهــ قال الإمام ابن رشد المالكي في “البيان والتحصيل” (3/ 391، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان): [رَوَى ابنُ وهب: أنه إن لم يعقّ عنه يوم سابعه عقّ عنه يوم السابع الثاني، فإن لم يفعل عقّ عنه في الثالث] اهـ.

 

ذكرت ” قال الإمام النووي في “روضة الطالبين” (3/ 229، ط. المكتب الإسلامي): [قال أبو عبد الله الْبُوشَنْجِيُّ من أصحابنا: إن لم تذبح في السابع، ذبحت في الرابع عشر، وإلا ففي الحادي والعشرين] اهـ، وقال الإمام ابن قدامة في “المغني” (9/ 461): [ويذبح يوم السابع، قال أصحابنا: السنة أن تذبح يوم السابع، فإن فات ففي أربع عشرة، فإن فات ففي إحدى وعشرين. ويروى هذا عن عائشة رضي الله عنها. وبه قال إسحاق.. وأما كونه في أربع عشرة، ثم في أحد وعشرين، فالحجة فيه قول عائشة رضي الله عنها، وهذا تقديرٌ؛ الظاهر أنها لا تقوله إلا توقيفًا] اهـ، وقال العلامة ابن القطان في “الإقناع في مسائل الإجماع” (1/ 306، ط. الفاروق الحديثة): [وقوله عليه السلام: «الغلامُ مُرتَهِنٌ بِعَقِيقَته» دليل أنها عن الغلام لا عن الكبير، وعليه مذاهب العلماء في مراعاة السابع؛ الأول، والثاني، والثالث] اهـ، فإن فاته السابع الأول والثاني والثالث: شُرِعَ له ذبحها قبل البلوغ على ما ذهب إليه الشافعية، أو يذبحها بعد ذلك بنية القضاء في أي وقت شاء على رأي جماعة من الفقهاء؛ إذِ القضاءُ لا يُشتَرَطُ له الوقت؛ قال الإمام القرافي في “الذخيرة” (4/ 164، ط. دار الغرب الإسلامي): [فإن فاته -أي السابع الثالث- ففي الرابع؛ وهو مروي عن مالك، وأهل العراق يعقون عن الكبير] اهـ، وقال الإمام النووي الشافعي في “روضة الطالبين” (3/ 229): [ولا تفوت بتأخيرها عن السبعة، لكن الاختيار أن لا تُؤَخَّر إلى البلوغ] اهـ.

 

قالت ” وقال الحافظ ابن حجر الشافعي في “فتح الباري” (9/ 594، ط. دار المعرفة): [ذكر الأسابيع للاختيار لا للتعيين؛ فنقل الرافعي أنه يدخل وقتها بالولادة؛ قال: وذكر السابع في الخبر بمعنى أن لا تُؤَخَّر عنه اختيارًا، ثم قال: والاختيار أن لا تُؤَخَّر عن البلوغ] اهـ، وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (9/ 461): [احتمل أن يجوز في كل وقت؛ لأن هذا قضاء فائت، فلم يتوقف؛ كقضاء الأضحية وغيرها] اهـ، وقال الإمام ابن حزم الظاهري في “المحلى” (6/ 234، ط. دار الفكر): [فإن لم يذبح في اليوم السابع ذبح بعد ذلك متى أمكن] اهـ. ومما سبق يٌعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

زر الذهاب إلى الأعلى