مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: لم أعتَدْ شيئًا، ولن أيأس!!

0:00

لم يَعُدْ هناك مجالٌ للشك _ عِند مَن كان يَشُك _ في أن حكوماتِ الغربِ الأمريكي والأوربي تدعَمُ إسرائيلَ دعمًا غيرَ محدود، ليس من الآن فقط، ولكن من قَبلِ قيامِ دولتِها المزعومة!! ولعلك حين تتابع الأخبارَ تستنتج ببساطة هذا الكلام، فأمريكا تدعم بالمال والسلاح وباستخدام حق النقض (الڤيتو) _ غير الأخلاقي _ ضد وقف الحرب على غزة!! وفرنسا لا تؤيد اتهامَ إسرائيل بارتكاب أعمال إبادةٍ جماعيةٍ في غزة!! وترى _ حسبما صرح وزيرُ خارجيتها _ أن هذا الاتهامَ “يتخطى عتبة الأخلاقية” فلا يمكن استغلالُ مفهوم الإبادة الجماعية لغاياتٍ سياسية!!

هذا يؤكد أننا نعيش في عالَمٍ أصابته الشيزوفرينيا (اضطرابٌ عقليٌّ شديد يُفسِّرُ فيه الأشخاصُ الواقعَ بشكلٍ غيرِ طبيعي)، وإذا كنتَ لا تُصدق فتابع نقيضَ ذلك، الموقفَ الغربيَّ من الحرب الروسية الأوكرانية، والتصريحاتِ التي تَصدر في هذا الشأن!! ولعل هذا يَشِي بمعاداةِ الغرب لقضيةِ الشعب الفلسطيني، وبأننا إن عوَّلنا عليهم في حلٍّ فسنكون كمن أعطى للقِط (مِفتاحَ الكَرار) وهو مخزن الطعام!! تذكر أننا نُسمي أيَّ مسؤولٍ عن أي مخزن (أمينَ المخزن)، فهل إذا تأكدتَ أن فلانًا هذا لص، ستسعى لتعيينه (أمينَ مخزن)؟!

لا تعارُضَ بين العمل السياسي وبين عمل المقاومة، بل إن المقاومةَ تُفيد المواقفَ السياسيةَ كثيرًا، فالعالَمُ منذ القِدَم لا يُعطي لضعيفٍ حقَّه، أو بالأحرى لا يَعترِفُ له بحق!! تَذكرْ _ إن شئتَ _ في تاريخك أن سيدنا محمدًا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ دعا أهلَ مكةَ باللين وبما عُرِفَ عنه من حُسن الخُلق، فآذَوه أشدَّ الإيذاء، فلما نصره الله وجاء مكةَ بجيشٍ لا قِبَلَ لهم به، قالوا: أخٌ كريم وابنُ أخٍ كريم!!

لا تخدعنّك لُعبةُ المراوغات في التصريحات وتبادل الأدوار، فما هي إلا لحِفظ ماء وجه الدول الغربية أمام أصحاب الضمير من أفراد الشعوب، ولا تُعفي هذه الدولَ من السقوط الأخلاقي، وعليها ألا تُصدِّعَنا بعد الآن بالعبارات الرنانة عن حقوق الإنسان!! فليس للإنسان عندهم حقوق إلا إذا كان منهم!! وإذا كانت إسرائيلُ تُهزَم أخلاقيًّا كلَّ يوم، وليس هذا بجديد، فإن مَن يَدعمُها سَقط في الوحل!! وإذا كانت إسرائيلُ هي الكيان الوحيد الذي لا يُنفِّذ أيَّ قرارٍ لمجلس الأمن الدولي، فليس لهذا إلا معنى واحد، هو أن هؤلاءِ القائمين على هذا المجلس يتبنَّون المواقفَ الإسرائيلية، وما يحدث ما هو إلا تمثيلية، ولكن من يدري ربما كان تتابُعُ حلقاتِ هذا المسلسل في صالح القضية مستقبلًا أمام الرأي العام العالمي.

إن الأرضَ لا تَقبلُ ثمنًا لتحريرها إلا دماءَ الشهداء؛ إذ إن أرواحَهم تظل تُطارد القَتَلة حين يَسكُنون الأرضَ حتى تُحيلَ حياتَهم جحيمًا، ومع كل ما يَحدثُ ومع طُولِ ما يحدث، لن نيأس، وسيظل كلُّ فردٍ منا يُردد: (لم أعتَدْ شيئًا، كلُّ هؤلاءِ إخوتي، وهذه قضيتي).

في تصريحاتٍ صوتية لقناة (روسيا اليوم) يقول حفيدُ زعيم جنوب إفريقيا “نيلسون مانديلا” (1918م _ 2013م): (… سنفعل ما في وسعنا حتى نُحققَ محاكمةَ نتنياهو وحكومتِه الحربية المجرمة… من المهم لنا أن يستمر الفلسطينيون والمقاومةُ الفلسطينية متحدين في صراعهم العادل من أجل فلسطين الحرة، ويجب عليهم أن يستمروا في العمل معًا والتأكد من الاستعانة حتى بالفلسطينيين المغتربين، لدينا ستة ملايين فلسطيني في الشتات يمكن أن يكونوا أصواتًا وسفراءَ لصراعِ الشعب الفلسطيني).

يقول الشيخ “محمد الغزالي” (22 / 9 / 1917م _ 9 / 3 / 1996م):
(هل أصابكم اليأس؟! أخبروني من يستطيع أن يُغيِّر هذا الكتاب: ” كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ ” (المجادلة _ 21)؟! _ إن الفجرَ سيطلُع حتمًا، ولئن يطوينا الليلُ مكافحين أشرف من أن يطوينا راقدين)!!

زر الذهاب إلى الأعلى