مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: صاحب فضل في رمضان (1) عُمر بطيشة

0:00

في السنة العاشرة لراديو مصر 2019م قدمتُ في رمضان برنامجًا إذاعيًّا اخترتُ له عنوان (صاحب فضل)، حاورتُ فيه عددًا من الشخصيات العامة على رأسهم صاحبُ الفضيلة أ.د/ “شوقي علام” مفتي الجمهورية، والإذاعي القدير الشاعر الكبير الأستاذ “عمر بطيشة” رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، والدكتور “محمد غنيم” رائد زراعة الكُلى، والدكتور “هاني الناظر” (٢٦ ديسمبر ١٩٥٠م _ الخميس ٢٢ فبراير ٢٠٢٤م)_ رحمه الله _، والناقد الرياضي “حسن المستكاوي”، والقارئ الطبيب “أحمد نعينع”، والدكتور “عبد الكريم إبراهيم صالح” رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف.

هذا البرنامج _ الذي يمكن أن يكونَ له مواسمُ أخرى _ كشفَ عن أن الاعترافَ بفضل الأشخاصِ والكُتُبِ والمواقف هو أمرٌ يُسْعِدُ البشر؛ إذ يشعرون بأنهم حين يتحدثون عن كل صاحبِ فضلٍ أو معروفٍ أو قِيمةٍ في حياتهم، يَرُدُّون له جُزءًا من الجميل، ويجعلُهم الوفاءُ _ الذي يشعرون به في الحديث _ يشعرون أيضًا بإنسانيتهم.

ومما أسعدني في ذلك الحين أنني حين ذهبتُ للتسجيل مع الإذاعي القدير الأستاذ (عمر بطيشة) قال لي: (لديَّ في أچندتي يا حازم برنامج بنفس الاسم، لكنه لم يخرج إلى النور، أنت سبقتني إلى تنفيذ الفكرة)!! وكان ردي على الأستاذ _ كما نشرتُ وقتَها على صفحتي على الفيس بوك _: (وحضرتك لك عندي حق أداء علني في رُبع جنيه، لا أعلم كيف أُعطيه لكم؟! فاستفسر عما أقول، فقصصتُ عليه الحكاية، وهي أنني حين كنتُ في الصف الثالث الإعدادي في أوائل تسعينيات القرن الماضي، طَلَبَ منا أستاذُنا (حمدي زيّان) _ رحمه الله _ أن نكتبَ (موضوع تعبير) نتخيل فيه أن (أبو الهول) يتكلم، فماذا سيقول؟! وأفضل موضوع تعبير سوف ينال مكافأة (رُبع جنيه)!!!!

بدأتُ موضوعي بهذه الجملة التي أتذكرها جيدًا: “أبو الهول… ذلك القابع في صحراء الجيزة منذ آلاف السنين (شاهدًا على العصر)…. “، وحين وصل أستاذُنا إلى جُملة (شاهد على العصر) وهي اسمُ البرنامج الأشهر للإذاعي القدير الأستاذ (عمر بطيشة)، لم يُكمِل القراءة، وقال: (خِلِص الكلام يا أستاذ حازم _ هكذا كان يُناديني _، الربع جنيه من نصيبك)!!!! أسعدتِ الحكايةُ الإذاعيَّ القدير وتبسَّم ضاحكًا.

أما ما قاله الأستاذ (عمر بطيشة) في الحوار فهو يستحق القراءةَ فعلا لمن لم يستمع إلى الحلقةِ وقتَها، حين سألتُه عن الشخصية التي يرى أنها صاحبةُ الفضل عليه، أجاب: (هُم كُثرُ، وأختار من بينهم جَدي، والد والدتي “محمد محمود الأديب”، الذي لقَّنَني _ في سنوات مرضه الأخيرة وإقامتِه في منزلنا _ كلَّ معارفِه وثقافته الواسعة الموسوعية في الشرق والغرب، في الفنون والآداب، صبَّها في رأسي صَبًّا، فأعترف بفضله).

وعن الكتاب صاحب الفضل، تزاحمتْ كتبٌ كثيرةٌ في رأس الإذاعي القدير، لكنه اختار منها كتاب (Modern Egyptians _ المصريون المُحدثون) للمستشرق الإنجليزي “سير/ إدوارد لين Edward William Lane” (١٨٠١م _ ١٨٧٦م)، يقول الإذاعي القدير: (هذا الكتاب أعارني إياه أحدُ أصدقائي وهو الموسيقار “منير الوسيمي” فالتهمتُه التهامًا لدرجة أنني لم أكن أريد إعادتَه لـ “منير”!!! ولما ألحَّ في طلبِه، أعدتُه إليه وأنا في حسرة؛ لِمَا تركه فيَّ من أثرٍ كبير جدا، لذلك كان أول ما فعلتُه بعد ذلك أن كلفتُ إحدى زميلاتي في الإذاعة _ وكانت ذاهبةً إلى لندن _ أن تشتريَ لي نسخةً من هذا الكتاب، وهو كتابٌ مؤثر ألهمني الكثيرَ من أفكار برامجي فيما بعد).

أما الشخص الذي لم يُقابله الأستاذ (عمر بطيشة) ويرى أنه صاحبُ فضلٍ عليه، فبلا تردد اختار النبيَّ “مُحمد” _ صلى الله عليه وسلم _ وقال: ( أتُوق للقائِه في الجنة إن شاء الله، وهو صاحبُ الأثر الأكبر كقدوةٍ وكمثلٍ لي ولكل المسلمين في العالَمِ أجمع لصفاته ومثالياته العظيمة، وللدين العظيم الذي أنزله الله عليه في كتابه القرآن الكريم).

وحتى نلتقي الأسبوع القادم _ إن شاء الله _ مع شخصيةٍ أخرى، تذكروا أصحابَ الفضل عليكم وادعوا لهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"