حازم البهواشي يكتب: تتلظى الصدور بالثانوية العامة!!
لا تزال الثانوية العامة (بُعبُعًا) يُصيب أغلبَ البيوتِ المصرية بالرعب، يرجع ذلك إلى عاملين: الأول أن كثيرِين يربطون بين المستقبل وبين المجموع، والمستقبل يعني عندهم المكانَ الذي يجعلني أكسب مالًا وفيرًا، وهذا لا يتأتى _ في رأي هذه الفئة _ إلا بدخول ما يُطلق عليه (كليات القمة)!! وليس هذا صحيحًا بالمرة، إذ المستقبلُ بيد الله، والرزقُ بيد الله، والأمرُ كله لله، وليس الرزق بالمجموع ولا بالكلية، وصاحبُ الأمر تعهد بأن يرزق الجميع، دون النظر إلى مجموعهم أو شهاداتهم!! الثانوية العامة مؤشر فقط عليك أن تلتفت إليه لتعرف مدى اجتهادك وطريقة سيرك.
أما العامل الثاني فهو الصعوبة التي تأتي عليها بعضُ الامتحانات ما يجعل القلقَ يسيطر على الطالب وولي أمره حتى تنتهي الامتحانات؛ تحسبًا للأسئلة التي يكون فيها (تار بايت) بين واضعها وبين الطالب!!
وبعيدًا عن الرعب والقلق والإزعاج، هناك الإحباط الذي يمكن أن يصيب الطالبَ المجتهد _ قبل غيره _ وهناك ما يجعل الطالبَ المستهتر يرى أنه على صواب، حين يقرأ كلٌّ منهما الرسالةَ التي وجّهتها ممثلة الإغراء لطلاب الثانوية العامة، وتقول لهم فيها: (التعليم مش بيحدد مصير ولا نيلة، بتعرف تجيب فلوس هتعرف تتجوز وتسافر، مابتعرفش يبقى الشهادة هتقرطسها وتحط فيها طعمية)!! كما كتبت أيضًا: (اللي في ثانوية عامة اليومين دول، الشاطر اللي بيجيب فلوس)!! وكأن العِلمَ والمال لا يجتمعان، وكأنه لا بد للطالب أن يختارَ طريقًا منهما، فهما متوازيان لا يتقابلان!!
ولعلني أتذكر في هذا المقام ما علمنا إياه أستاذُ عِلم اللغة الشهير الدكتور “محمود فهمي حجازي” (يناير 1940م _ 11 ديسمبر 2019م) من أن العِلمَ أساسًا قيمةٌ أخلاقية، وأنه في الحياة العملية، ربما يُعطيك عملُك المالَ أو الشهرةَ أو المنصب، أو كلَّ ذلك، أو لا شيء من ذلك، فحتى لا تخسرَ ينبغي ألا تنسى وجهَ الله في عملِك.
نعم المستقبلُ بيد الله، فلا تجعلْ (صدرك يتلظى بنار الثانوية العامة)، ولا تحزنْ إن فاتتك الإجابة الصحيحة لسؤال: “تتلظي الصدور لنعمتك”… معنى كلمة “تتلظى”: (تتطلع _ تحقد _ تتأسى _ تتحسر)!! وهو السؤال الذي اختلف واحتار المدرسون قبل الطلاب في إجابته، وحتى لا تفكر كثيرًا، فإنني أنقل لك إجابةَ السؤال كما أجاب عليها عالِمٌ من أعضاء مجمع اللغة العربية، اتصل به موقع (مصراوي) وهي أن (تتلظى) في هذه الجملة بمعنى (تحقد). وعلى أية حال لا قيمةَ لهذه الإجابة؛ فالقيمة فقط لنموذج الإجابة!!
ملحوظة: كلمة (بُعبُع) التي جاءت في أول المقال صورةٌ خياليةٌ لحيوانٍ مُرعب، (الغُول) وجمعها: (بَعَابِع)، اعرفوها واكتبوها، من يَدري، ربما جاءت في امتحان الثانوية في الأعوام القادمة!!
