مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: إسرائيل في خطر!!

0:00

لم تكن حرب أكتوبر 1973م معركةً عادية، بل كانت اختبارًا صعبًا لصمود الشعب المصري، وقدرته على الخروج من مرارة الهزيمة إلى حلاوة النصر، من ذل الانكسار إلى عزة الانتصار.

ويُعد المشير “محمد عبد الغني الجمسي” (1921م _ 2003م) مهندس حرب أكتوبر 1973م رئيسُ هيئة عمليات القوات المسلحة إبان الحرب وكان برتبة لواء، واحدًا ممن خططوا لهذه الحرب التي أعادت لنا عزتنا وكرامتنا، وهو آخرُ مَن حَمَلَ لقبَ وزير الحربية. سجَّل “الجمسي” في مذكراته عن حرب أكتوبر رأي “موشيه ديان” (1915م _ 1981م) الذي توفي بعد الرئيس السادات بعشرة أيام (16 أكتوبر 1981م) وكان وزيرَ دفاع العدو أثناء الحرب، إذ يقول “ديان”: “الواقع أنني خلال طيراني عائدًا من سيناء إلى تل أبيب، لا أتذكر لحظةً في الماضي شَعَرتُ فيها بالقلق الذي شَعَرتُ به الآن. لو أنني كنتُ أُعاني جسمانيًّا وأواجه الخطرَ شخصيًّا لكان الأمرُ أهون، أما الآن فثمةَ شعورٌ آخر ينتابني… كانت إسرائيلُ في خطر، وستكون النتائجُ مُهلكة إذا لم نتدارك الموقفَ الجديد ونتفهمه في الوقت المناسب…”.

كما سجَّل ما كتبه “عساف ياجوري” (1931م _ 2000م) قائد اللواء 109 في الجيش الإسرائيلي الذي وصفَ ما حدث له ووحدته في الحرب بعد عودته من الأسر في مقالٍ كتبه بجريدة معاريف وصف فيه يوم 8 أكتوبر بأنه دخلَ التاريخ تحت اسم “الإثنين الأسود في إسرائيل”، وقال: ” إن خيبة الأمل التي أحسستُ بها وقتئذٍ شَعَرَ بها أغلبُ الجنود، وكلُّ مَن عاشها لا ينسى مرارتها،… وعندما عُدتُ من الأسر أذهلني حجمُ الخسائر التي وقعتْ في صفوفنا … لقد أصبح الثامنُ من أكتوبر يومَ الدم وخيبةِ الأمل والألم العظيم “. وقد وصفَ “ديان” هذا اليومَ أيضًا بأنه (يوم فشل عام). وقال: (انقضى هذا اليوم مخلفًا في أعقابه خيبةَ أملٍ كبيرة وخسائرَ جسيمة وتقهقرًا).

ولعلنا حين نقرأ مذكرات المشير “الجمسي” نوقن تمام اليقين أن أمريكا لن تترك إسرائيلَ وحدها أبدًا، ومن بين ما ذكره “الجمسي” وصولُ قائدٍ عسكري أمريكي إلى مطار بن جوريون في طائرة عسكرية خاصة، ويحمل معه مجموعةً من التقارير الخاصة والصور الخاصة بالمعارك ومواقع القوات كما التقطها القمر الصناعي الأمريكي، وقدَّمَ خطةً عسكرية أمريكية تمثلتْ في توجيهِ ضربةٍ مكثفة على إحدى الجبهتين لشل الجبهة السورية أو الجبهة المصرية أولًا حتى يستقيمَ لإسرائيلَ القتالُ على جبهةٍ واحدة. (القاعدة الذهبية عزيزي القارئ: فَرِّقْ تَسُد).

غيرَ أنني لا بد أن أتوقف عند ما كتبه “الجمسي” في المذكرات تحت عنوان (حرب أكتوبر في الميزان الإستراتيجي) إذ يقول: “والدراسةُ المتعمقةُ للسياسةِ الإسرائيلية تُبين أنَّ إسرائيلَ أرسَتْ لنفسِها خطوطًا ثابتةً لسياستها هي:
أولًا: التوسعُ الجغرافيُّ التدريجيُّ على حساب الأرض العربية.
ثانيًا: الاحتفاظُ بقوةٍ عسكريةٍ متفوقة تكون هدفًا ووسيلة.
ثالثًا: الارتباطُ بقوى دوليةٍ كبرى “حليف مضمون” يُعاونها في تحقيق أهدافها.
رابعًا: إضعافُ وتبديدُ الطاقاتِ العربية.
وأدارتْ إسرائيلُ صراعَها ضد العرب منذ نشأتِها لتحقيقِ هدفِها النهائي _ السيطرة على المنطقة العربية _ وذلك بوضعِ أهدافٍ مرحليةٍ طبقًا لما يُمكن أن يتحققَ في كل مرحلةٍ بموازنةِ اعتباراتِ الموقفِ الدولي والموقف في المنطقةِ العربية والسياسةِ الداخلية لإسرائيل”.

وأقول: إن إسرائيلَ لم تتخلَّ عن هدفها وحُلمها، فلماذا نتناسى _ نحن العربَ _ ذلك، وأمامنا نصر أكتوبر شاهدٌ على إمكانية تفوقنا وأسرارِ تفوقنا؟!

زر الذهاب إلى الأعلى