مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : رأس الحكمة ..بارقة أمل ..ونقطة جديدة للانطلاق

0:00

تصاعدت وتزايدت الشكاوي المريرة من الغلاء الفاحش الذي ينهش في اقتصادنا وجيوبنا وارزاقنا ، ومازاد الطين بلة أن حكومتنا الرشيدة لم توضح حتي الآن ابعاد هذه الأزمة ، ولم تخبرنا تحديداً بأسبابها ، وكيف صرفت ديوننا ، وكيفية تعاملها مع الأزمة ، وخططها المستقبلية لحلها .. علشان احنا كمان نعرف نتعامل معهافي الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة وخاصة ان الحرب علي الابواب .
على العموم ..ربنا حافظ البلد دي وحاميها، ونحمده ونشكر فضله لأن بوادر انفراج أزمة الدولار، ومؤشرات الخروج من النفق المظلم ظهرت .. بعد ما ربنا تمم لنا صفقة ارض رأس الحكمة اللي الحكومة كانت عملاها مفاجأة.. لكن معلش المهم انها تمت علي خير في الظروف الصعبة ،والتهديدات العسكرية ، والحصار الاقتصادى الذى تتعرض له مصر .
وطبعاً ها يطلع ناس تقولي كفاية كلام فارغ عن الحصار وعن نظرية المؤامرة اللي اخترعتها الحكومة علشان تهرب من مسئوليتها في التسبب في الأزمة .. بسبب سوء ادارة اقتصادها ، وأخطاء التعامل مع قروضها الكثيرة اللي صرفت فلوسها بدون دراسات جدوي أو تحديد أولويات للمشاريع التي يتم الإنفاق عليها .
ومحدش يقدر ينكر أن ده أحد أسباب الأزمة .. ولكن احقاقا ً للحق وليس دفاعاً عن الحكومة أو تبريراً لأخطائها … فيه عوامل أخري خارجية تسببت في تفاقم الأزمة لم تكن الحكومة سبباً فيها .. فلا يمكن أن ننكر أن قيام الغرب بسحب أكثر من ٢٢ مليار دولار من الأموال الساخنة من البنوك المصرية في خلال ٤٨ ساعة فور صدور قرار البنك الفيدرالي الأمريكي كان هو بداية الأزمة .. وكان قراراً مقصوداً ضمن مخطط الضغط علي مصر لإجبارها علي قبول ” صفقة القرن” التي كان يتم التجهيز لتنفيذها .
وجاء ذلك بالطبع بعدما فشلت كل محاولاتهم علي حدود مصر الغربية ، والجنوبية .. وأخيراً الشرقية ، وكمان علي منابع نيلها… في اسقاطها أو ادخالها في سيناريو الفوضى أو الحرب .. وأصبحت هي القوة الوحيدة التي لها تأثير علي مجريات الأمور في المنطقة بسبب قوة جيشها التي تزايدت وتضخمت وخرجت عن السيطرة الأمريكية ، وتجاوزت النطاق المسموح به … وهو ما أظهرته كواليس حرب غزة وخفاياها والتطورات الأخيرة للمفاوضات بين حماس واسرائيل وشروطهما المستحيلة التي وضعها كل منهما لتعجيز الآخر، وتحقيقاً لمصلحتهما المشتركة لاستمرار الحرب وتطويل أمدها ( رغم كل خسائرهما البشرية والتدميرية والعسكرية والاقتصادية ) واستمر الطرفان في توجيه الاتهامات والاستفزازات لمصر ولجيشها في محاولات استفزازية حثيثة لجر مصر وتوريطها للدخول لتلك الحرب ( وهوما يعد مخرجاً وطوقاً لنجاة الطرفين ) .
وطبعاً كان لازم مصر تعمل استعداداتها للاحتمالات دي وهو ما جعل البنك المركزي يتوقف عن ضخ أي دولار من احتياطاته للبنوك في السوق للحفاظ علي احتياطيه الاستراتيجي من التناقص .. تحسباً لأي مواجهة عسكرية محتملة ،وهوما جعل الدولة تؤجل تنفيذ بعض المشاريع والاستثمارات الأجنبية .
وعندما قامت امريكا والحوثيون بمسرحيتهم الهزلية في البحر الأحمر ..مما أدي لارتفاع فاتورة شحن البضائع المستوردة من آسيا مما قلل من عمليات التصدير والاستيراد في مصر…. نتيجة لتعليق معظم شركات النقل البحري أعمالها في البحر الأحمر وهوما تسبب في زيادة حدة أزمة الدولار( وهوما يفسر لنا ما سبق أن توقعه الرئيس السيسي منذ عدة شهور قبل الحرب واصدار توجيهاته للحكومة لزيادة مخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية الي ٦شهور بدلاً من ٣ شهور )وهو ما أجبرها علي التوسع في شراء السلع الاستراتيجية أو البترولية بصورة أكبر من المعدلات الطبيعية وبأغلى الاسعار لتخزينهافي مخازنها .
وازدادت صعوبة الأزمة بعدما انخفضت ايرادات قناة السويس الي النصف ..وهو ما أدي إلي تخوف بعض الاستثمارات الخليجية والأجنبية وتأجيلها انتظاراً لما تنتهي إليه حرب غزة ، ولكي تتيقن من قدرة الاقتصاد المصري علي الخروج من الازمة وتثبيت سعر الدولار .
كل هذه العوامل ساهمت بقدر كبير في قدرة الحكومة علي مواجهة الأزمة واوصلنا للحالة الصعبة التي وصلنا لها حالياً .. ولكن الله سلم وأنعم علينا بطوق النجاة الذي سوف يخرجنا من هذه الازمة .
واطالب الشعب المصري كله بالتكاتف والترابط خلف جيشنا ، في تلك اللحظات الحرجة من حرب غزة ، وان نحافظ علي تماسك وتوحد جبهتنا الداخلية ، وأن ننبذ الخلافات وان نتصدي للشائعات والضلالات التي يطلقها كارهي مصر وحاقديها لدفعنا لفوضي مدمرة ، أو انجرارنا لحرب جديدة لا طاقة لنا فيها ولا جمل .
وبنفس القدر وأكثر.. أطالب الحكومة بانتهاز فرصة (صفقة رأس الحكمة ) للقيام بتعديل سياساتها الاقتصادية الخاطئة والتي أدت لهذه الأزمة ، وان تستعين بخبرات وكفاءات وعقول متميزة لسرعة وضع خطة جديدة للإصلاح الاقتصادي تتلافي أخطاء وسلبيات الماضي وفق مناهج اقتصاديه مستحدثة تزيل معوقات الاستثمار وتضع برامج لجذب المستثمرين ، يتم الالتزام بتنفيذها بكل دقة وصرامة ، واعادة ترتيب أولويات مشروعاتنا القومية بصورة موضوعية دقيقة ، وتشديد دور الأجهزة الرقابية الحكومية ، وتفعيل دورها في التصدي للاحتكاروجشع التجار والسوق السوداء ، في اطار من الشفافية والمصارحة المجتمعية لإعادة الثقة في المنظومة الاقتصادية لبدء صفحة جديدة تحقق آمال وتطلعات الشعب المصري .

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى