لماذا تنام على الأريكة بسهولة وتستيقظ في السرير؟
من أجمل ذكريات الطفولة التي يتشاركها الكثير منا هي النوم على الأريكة أثناء مشاهدة برنامجنا التلفزيوني المفضل، ثم نستيقظ في منتصف الليل لنكتشف أننا انتقلنا بطريقة سحرية إلى أسرّتنا – بفضل والدينا.
مع التقدم في العمر، ورغم أننا ما زلنا ننام على الأريكة ونجد أنفسنا نسحب أجسادنا المتعبة إلى غرفة النوم، إلا أننا نستيقظ بمجرد الوصول إلى السرير. ومن المحير كيف شعرنا بالنعاس على الأريكة قبل لحظات فقط. ما الذي يحدث هنا؟
يعد النوم على الأريكة تجربة شائعة، وقد تكون مرتبطة بالدافع الطبيعي للجسم للنوم عندما يكون متعبًا، وهو ما يُعرف بضغط النوم.
يقول الدكتور مانجوناث، استشاري أمراض الرئة التدخلية في مستشفى جلين إيجلز بي جي إس في بنغالور وفقا لـ indiatoday: “يتراكم ضغط النوم طوال اليوم، وعندما تسترخي على الأريكة في حالة مريحة وشبه يقظة، فإن هذا يخلق السيناريو المثالي لدماغك للاستسلام للراحة”.
ويضيف الطبيب أن ضغط النوم ينشأ عن تراكم الأدينوزين، وهو ناقل عصبي يعزز النوم. ومع تزايده على مدار اليوم، فإن حتى لحظات الاسترخاء القصيرة قد تؤدي إلى استجابة سريعة للراحة، خاصة إذا كنت تسترخي ذهنياً.
ويضيف “يمكن لجسمك أن يستجيب لهذا التراكم من ضغط النوم من خلال النوم بشكل أسرع في أماكن غير مقصودة، مثل الأريكة”.
ويؤكد الدكتور فياض، استشاري الطب الباطني في مستشفى أستر وايتفيلد في بنغالور، أن وضعيات الاسترخاء ترسل إشارات للعقل بأن الوقت قد حان للاسترخاء، ما يقلل من اليقظة ويشجع على النوم.
ويقول: “إن وجود أصوات هادئة، أو ضوضاء بيضاء من التلفزيون، أو أي نشاط هادئ في المنزل يجعل الأريكة أرضًا خصبة للقيلولة”.
وفي الوقت نفسه، يؤكد الدكتور ساتيانارايانا ميسور، رئيس قسم واستشاري أمراض الرئة في مستشفى مانيبال في بنغالور، أن البيئة تؤثر بشكل كبير على بداية النوم واستدامته وجودته.
تميل درجة الحرارة الأكثر دفئًا إلى تقصير دورة النوم، في حين أن البيئة الأكثر برودة تؤدي إلى مدة أطول من النوم.
من الجدير بالذكر أن الأرائك توفر بيئة مريحة وغير منظمة، ما قد يقلل من الضغط الناتج عن محاولة النوم. فالبيئة المريحة تجعل النوم أكثر احتمالية مقارنة بالسرير، حيث قد يكون هناك ضغط أكبر للوصول إلى مرحلة النوم. ورغم أن النوم على الأريكة قد يؤدي إلى آلام الظهر، فمن يستطيع مقاومة الراحة الناتجة عن التمدد عليها؟
يقول الخبراء إن الإيقاع اليومي، أو الساعة الداخلية للجسم، يلعبان دورًا مهمًا في تنظيم دورة النوم والاستيقاظ وتحضير جسمك للراحة في أوقات معينة.
ويضيف الدكتور مانجوناث: “إذا كنت مستلقياً على الأريكة أثناء الهدوء الطبيعي لجسمك في حالة اليقظة، مثل وقت مبكر من بعد الظهر أو في وقت متأخر من المساء، فقد تجد نفسك تغفو بسهولة أكبر، حيث يفسر جسمك هذا على أنه وقت للنوم”.
ويشير إلى أنه مع حلول المساء ترتفع مستويات الميلاتونين داخل الجسم، ما يسبب النعاس ويشير إلى أنه وقت النوم.
خلال هذه الفترة، إذا استلقيت على الأريكة، تبدأ قدرة الجسم الفطرية على الراحة في الظهور. وتعمل مجموعة من الأجواء الهادئة والإشارات البيولوجية على خلق الظروف المناسبة للنوم.
التقدم في العمر
مع تقدم الناس في السن، تتغير عادات النوم لديهم واحتياجاتهم أيضًا. إذا لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم ليلاً بسبب الأرق أو انقطاع التنفس أثناء النوم، فقد ينامون على الأريكة.
يخبرنا الدكتور مانجوناث أن كبار السن قد يكونون أكثر عرضة للقيلولة أو النوم غير المقصود، بما في ذلك على الأريكة، بسبب التغيرات في بنية النوم والتأثير التراكمي لضغط النوم.
إذا كنت تتساءل عن سبب اختفاء نومك في اللحظة التي تنتقل فيها من الأريكة إلى سريرك، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب تعطيل دورة نومك.
قد يتحول جسمك من حالة الاسترخاء وشبه النوم إلى حالة يقظة متزايدة بسبب فعل الحركة. وقد يؤدي هذا إلى إعادة ضبط ضغط النوم لديك قليلاً والتدخل في قدرتك على العودة إلى النوم، خاصة إذا كنت الآن مستيقظًا تمامًا وتحاول إعادة خلق الراحة على الأريكة.
يمكن أن يؤثر الفراش أو الوسادة غير المريحة سلبًا على جودة النوم، كما يمكن للعوامل البيئية مثل الضوضاء والضوء ودرجة الحرارة أيضًا أن تؤدي إلى اضطراب النوم.
وتؤدي مشكلات طبية أخرى مثل الأرق أو انقطاع التنفس أثناء النوم، إلى جانب عوامل نمط الحياة مثل الإفراط في تناول الكافيين أو ساعات النوم غير المنتظمة، إلى تفاقم المشكلة.
من الضروري أن نفهم أن سهولة النوم على الأريكة مقابل صعوبة النوم في السرير يمكن أن تُعزى إلى حالة الاسترخاء مقابل الجهد.
على الأريكة، لا توجد نية نشطة للنوم، مما يسمح لجسمك بالاسترخاء بشكل طبيعي. ومع ذلك، عندما تذهب إلى السرير، قد تصبح أكثر يقظة ذهنيًا وتحاول إجبار نفسك على النوم، وهو ما يجعل النوم أكثر صعوبة. وهذا يخلق حاجزًا نفسيًا بين الاسترخاء والنوم في السرير.