مقالات الرأى

مروان مصطفى يكتب : التصدي لمشكلة اللاجئين مؤشرايجابي .. لإصلاح اخطاء الماضي

0:00

مشكله اللاجئين في مصر واحدة من اخطر الازمات التي تواجهها مصر بعد أزمة الاقتصاد والغاز والكهرباء والارتفاع الفاحش للأسعار وهي مشكلة كبيرة خلقتها الدولة بسبب قراراتها السابقة غير المدروسة … وكعادتها دوماً تركتنا للتخمينات والتأويلات ولم تخبرنا عن أسبابها ومبرراتها.
فخمن البعض ان الهدف الأساسي من ذلك هو الرغبة في تقليد تركيا التي استغلت مشكلة اللاجئين السوريين لابتزاز أوروبا ومقايضتها للحصول علي أموال طائلة مقابل استيعابهم بدلاً من تركهم يجتاحوا أوربا وقالوا ان مصر تهدف من وراء ذلك اسقاط الديون المصرية لدي أوروبا (وهو مالم يحدث )
وقال آخرون .. ان السبب يرجع للشهامة والنخوة ( لأم الدنيا ).. وانها اذا ما اظهرت ترحيبها وقدراتها علي استضافة كل من يرغب في اللجوء او النزوح اليها سيمنحها قدراً اكبر ومكانة أعظم علي المستوي الافريقي والاوروبي( وهو أيضاً لم يحدث ) .
وغاب عنا ان مصر ليست تركيا .. وان اخلاقنا وخجلنا وحياء قيادتنا لا تمكنهم من ممارسة مثل هذه الابتزازات العلنية الفجة للحصول علي ما تريده .
لقد كان خطأً فادحاً .. حين فتحت مصر كل أبوابها بلا اي ضوابط أو معايير ، ودون أي تدقيق أو تمحيص ، وسمحت بدخول كل الهاربين والنازحين أياً كانت الاسباب حتي الطامعين منهم في الهجرة غير الشرعية لأوروبا ..ولم تدرك اجهزتنا المسئولة مدي خطورة تلك المغامرة غير المحسوبة وتأثيراتها السلبية المتوقعة سياسياً واقتصاديا واجتماعياً وجنائيا علي البلاد.
وللأسف الشديد نسي الضيوف و تناسوا اصول الاستضافة وآدابها ، خصوصاً بعدما شعروا بسعة صدر الدولة وتراخيها … وبدأوا في نشر توجهاتهم الخفية وشعاراتهم السياسية وخرائطهم المسيئة ومدارسهم التي انشئوها في غيبة الدولة واجهزتها ، وتلاعبوا في السوق السوداء للدولار ، ورفعوا اسعار وإيجارات الشقق والمحلات ، وشاركوا المصريين في اقواتهم اليومية واستحوذ الوافدين علي مقاعد الطلبة المصريين في الكليات والمعاهد الخاصة ، وخلقوا لأنفسهم ولذويهم مناطق سكنيه ومراكز وتجمعات مغلقة ، وكثرت تجاوزاتهم واهاناتهم واستفزازاتهم علي وسائل التواصل الاجتماعي ، وزاد دعم وتشجيع القنوات التلفزيونية الكارهة لهم للاستقرار في مصر ، كما زادت خلافاتهم وتعدياتهم ومشاجرتهم مع المصريين وهوما أثار احتقان وغضب الرأي العام ، الذي لم تستجب له الدولة وقتها .
وتعدي الامر كل الحدود…بعد اكتشاف عمليات منظمة للتهريب الجماعي الي مصر من خلال قناه السويس عن طريق البواخر التجارية التي تعبر القناة وتحمل اعداد من المهاجرين وتقوم بإنزالهم في عوامات مطاطية أثناء سيرها بمحاذاة الشاطئ المصري قبل الدخول لمجري قناة السويس حيث يتم استقبالهم بمعرفه بعض البدو لنقلهم الي الداخل المصري ، أو عن طريق بعض المراكب التي ترسو للتموين أو الاصلاح وتقوم بإنزال المهاجرين خلسة خلال فترات التوقف
وبعدما فاض كيل المصريين تراجعت الدولة عن موقفها واستجابت للرأي العام وبدأت في تعديل الأوضاع واعادة الامور الي نصابها الصحيح ..وتناثرت معلومات قوية بصدور قرارات هامة في هذا الشأن .
حيث تم غلق بعض المنافذ الحدودية ، وايقاف التأشيرات السياحية للمقيمين ، ووضع قواعد صارمة وحازمة لمنح الاقامات ، واغلاق مدارسهم التي انشئوها في غيبة الدولة ، وتم وضع نظام دقيق ومحكم بوسائل ذكية ومبتكرة ( لا يجوز ايضاحها علناً ) لعمليات الحصر والضبط والتقنين وتحديد الجنسيات والتحري عن اماكن اقامتهم ، ومصادر دخلهم، وشرعية اقامة كل منهم .
وتصاعدت الازمة ..حيث قامت اعداداً منهم بعد شعورهم بالإجراءات الجديدة بعمل تظاهرات ووقفات احتجاجية امام مفوضية شئون اللاجئين مطالبين بحقوقهم للإقامة داخل مصر، وعدم ترحيلهم منها طبقاً لاتفاقيات اللاجئين .
وبدأت أيضاً محاولات جديدة للتلاعب والتحايل علي الاجراءات المتوقعة من خلال الزواج الصوري من المصريات ، والتحايل لاستخراج شهادات ساقط قيد لاستصدار شهادات ميلاد مصرية مزورة .. بالإضافة لقيام أعداد كبيرة منهم بطلبات للأزهر الشريف للتحايل للحصول علي منح دراسية تمنحها جامعة الأزهر لكافة الأعمار السنية بغرض نشر الدعوة الإسلامية لأثبات اقامتهم الشرعية في مصر بغرض الدراسة وعدم الترحيل .
وفي النهاية .. يجدر بنا الاشادة بذلك التحول الايجابي في موقف الدولة التي تخلت عن اصرارها ، استجابة لنبض الشارع المصري، وبدأت بجدية وحسم في إصلاح اخطاء الماضي ونقول لها أحسنت .. وننتظر منك المزيد والمزيد .

لأن الحكمة تقول : أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي مطلقا.

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى